للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آراء الفقهاء في حكم بيع العربون:

اختلف الفقهاء في حكم بيع العربون فمنعه الحنفية، والمالكية، والشافعية، والشيعة الزيدية، وأبو الخطاب من الحنابلة، وروي المنع عن ابن عباس والحسن (١) ، وقال ابن رشد والشوكاني: المنع قول الجمهور (٢) . وأجازه الإمام أحمد، وروي الجواز عن عمر وابنه، وعن جماعة من التابعين، منهم مجاهد، وابن سيرين، ونافع بن الحارث (٣) ، وزيد بن أسلم (٤) .

أدلة المانعين:

استدل المانعون لبيع العربون بما يأتي:

١- حديث النهي عن بيع العربون.

وهذا دليل قوي، لما بيناه من أن هذا الحديث مقبول عند أكثر علماء الحديث.

٢- في بيع العربون غرر:

قال ابن رشد الجد: "ومن ذلك – أي من الغرر المنهي عنه – ((نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان)) وقال أيضًا: "الغرر الكثير المانع من صحة العقد يكون في ثلاثة أشياء: أحدهما العقد، والثاني أحد العوضين، والثالث الأجل فيهما، أو في أحدهما، فأما الغرر في العقد، فهو مثل ((نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة)) وعن بيع العربان " (٥) .

وقال ابن رشد الحفيد: "وإنما صار الجمهور إلى منعه، لأنه من باب الغرر، والمخاطرة، وأكل المال بغير عوض" (٦) . وقد ورد التعليل بالغرر، وأكل المال بالباطل، في كثير من كتب المالكية (٧) والغرر متحقق في بيع العربون، لأنه بيع مستور العاقبة، لا يدري كل من البائع والمشتري: هل يتم البيع، أم لا؟ وأكل المال بالباطل متحقق فيه، بصورة واضحة، إذا عدل المشتري وباع البائع سلعته بالثمن الذي اتفق به مع المشتري، أو بأكثر منه.

٣- فيه شرطان فاسدان: أحدهما شرط كون ما دفعه المشتري للبائع يكون مجانًا، إن اختار ترك السلعة، والثاني شرط الرد على البائع، إذا لم يقع منه الرضا بالبيع (٨) .

٤- بيع العربون بمنزلة الخيار المجهول، لأن المشتري اشترط أن له رد المبيع من غير ذكر مدة، فلم يصح، كما لو قال: ولي الخيار متى شئت رددت السلعة ومعها درهمًا" (٩) .


(١) المنتقى ٤ /١٥٧، ونهاية المحتاج ٣/ ٤٥٩، والبحر الزخار ٣ /٢٥٩، والمغني ٤ /٢٨٩ مع الشرح الكبير.
(٢) بداية المجتهد ٢ /١٦٢، ونيل الأوطار ٥ /١٦٣.
(٣) هكذا في بداية المجتهد، وفي المغني ٤/ ٢٨٩ والقرطبي ٥ /١٥٠: "عبد الحارث".
(٤) بداية المجتهد ٢/ ٢٨٩، والقرطبي ٥/ ١٥٠.
(٥) المقدمات الممهدات ١/ ٢٢١.
(٦) بداية المجتهد ٢ /١٦٣.
(٧) وبالغ القرطبي فقال: إنه من باب بيع القمار، والغرر، والمخاطرة، وأكل المال بالباطل، بغير عوض ولا هبة، وذلك باطل بإجماع – الجامع لأحكام القرآن ٥ /١٥٠.
(٨) نيل الأوطار ٥ /١٦٣.
(٩) المغني مع الشرح الكبير ٤/ ٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>