أيضًا من العموميات التي تفضل بها الإخوة الكرام بجواري، وهذه قضية الرخصة العامة واستندوا إلى كتاب العلامة الشيخ ابن عاشور في أنه لم يجد أحدًا تكلم في موضوع الرخصة العامة، الحقيقة لا داعي لهذا، فهو مجرد اصطلاح، لا أن نسمي هذا رخصة عامة، هي في الحقيقة مبدأ مقرر عند الفقهاء المالكية، وهو العمل بالمصالح المرسلة، فسواء سمينا ذلك رخصة عامة أو عملاً بالمصالح المرسلة، والدليل على ذلك كل الحوادث التي تفضل بها الإخوة الكرام في هذا الموضوع داخل تحت مصطلح المصالح المرسلة، فسواء سميناها رخصة عامة أو مصالح مرسلة ففقهاؤنا تعرضوا لها بصراحة ولا يمكن أن نغض من شأنهم حينما أدخلوها في جانب ولم يدخولها في جانب آخر، وأنا أميل إلى اصطلاح المالكية أن هذا من قبيل المصالح المرسلة وليس فيما سموه الرخصة العامة.
بقيت هناك جزئيات بعد هذه العموميات، فضيلة الشيخ تقي العثماني قال: إن الحنفية لم يرجحوا جواز الأخذ بالرخصة كما ذكرت، فأرجو أن يعود إلى الجزء الثاني من كتاب مسلم الثبوت الصفحة على الشمال لمحب الله بن عبد الشكور في ص٣٦٩، يقول: يجوز تتبع الرخص عندنا، نحن الحنفية، وكتاب مسلم الثبوت حجة عند الأصوليين من الحنفية.
كذلك نقطة مشابهة لهذه النقطة أيضا ما اعترض به فضيلة الشيخ ابن منيع وأيده فضيلة الشيخ الدكتور القرضاوي من أن الاحتجاج بجواز الفطر للمسافر الذي لم يتضرر بالصوم أن هذا خلاف الأولى، نص أيضا الشافعية والحنابلة على هذا، والصفحة أيضا على الشمال في شرح الإسنوي في الجزء الأول ص٩٠ قالوا: والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة: ١٨٤] فكلامي ليس خروجًا عن النص القرآني ولا استدلالاً بغير دليل تقبله علماؤنا بشكل واضح.
أيضًا ما يتعلق بالتقسيمات التي ذكرها بعض الإخوة في استثناء العقود، تكلمت عنها أيضا ما تكلموا به في قضية التلفيق لفتوى العالم، هذا ما ذكره الشيخ خليل هو سليم وهو ما نريده، والحقيقة العامي لا يستطيع أن يفعل شيئًا بدون فتوى العالم، وكلامنا كله منصب للعلماء، العامي إذا كان مبعثرًا وجاهلاً فهو في الحقيقة ملفق من حيث الواقع، وهو ملفق له بدون قصد، لم يقصد هذا المفتي أن يلفق للعامي، بحسب ما يتهيأ له، مرة يجد عالمًا في حي فيسأله عن قضية ثم ينتقل إل حي آخر في نفس المدينة فيجد عالمًا من مذهب آخر فيسأله عن قضية لها صلة بالقضية الأولى فيفتيه، فإذا هو وقع في التلفيق بدون قصده الملفق له، فلذلك التلفيق في الحقيقة كما أشار العلماء هو جائز، لأنه تلفيق ليس في مسألة واحدة، وإنما هو تقليد لكل إمام مذهب في مسألة جزئية غير المسألة الأخرى التي قام بها إمام مذهب آخر. فإذن القضية ليست في مسألة واحدة، وهذا هو الدقة في بيان تحديد معنى التلفيق، فهما مسألتان جزئيتان وإن كان ذلك ضمن عبادة واحدة.