للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويباح للإنسان تتبع الرخص أو الأخذ بالأهون والأخف للضرورة أو الحاجة، بشرطين: ألا يتتبع الرخص عمدا، ولا يقصد العبث والتلهي، وألا يؤدي إلى التلفيق الممنوع؛ لأن تتبع الرخص أمر واقع لا مهرب منه في واقع الإفتاء والاستفتاء، حين يسأل الشخص عن حكم مسائل متعددة علماءَ المذاهب، فيفتونه بحسب مذاهبهم.

ومجال التلفيق كالتقليد في المسائل الاجتهادية الظنية، لا في العقائد والأصول التشريعية العامة، وكل ما علم من الدين بالضرورة من متعلقات الحكم الشرعي، وهو كل ما أجمع عليه المسلمون ويكفر جاحده.

وقد ناقشت دعوى إبطال التلفيق من ناحيتين: طريقة المنع، وطريقة إثبات العكس، أما المنع: فإن القول بعدم مشروعية التلفيق يؤدي إلى عدم جواز التقليد الواجب على العوام غير المجتهدين، وإنه لم يثبت على منع التلفيق دليل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن صحابته الكرام، ولا عن أئمة المذاهب، حيث إن التلفيق ظهر الكلام فيه في العهود المتأخرة بعد انتهاء القرن السابع الهجري، ولم ينقل عن الصحابة والتابعين وأئمة الاجتهاد منه العمل بمذهب غيره. وأما إثبات العكس: فهو أنه إذا لم يجب على أحد التزام مذهب معين، كما قرر العلماء، جاز لغير الملتزم التلفيق، وإلا بطلت عبادات العوام وهم أكثر المؤمنين، كل ذلك متفق مع سماحة الشريعة ويسرها.

وأما اشتراط ضرورة مراعاة الخلاف بين المذاهب، فهو أمر عسير على أغلب الناس، سواء في العبادات أو المعاملات، بل هو أمر يتنافى مع سماحة الشريعة ويسرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>