للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن بعض أتباع الفكر الغربي قد حاولوا استغلال هذه الأكاذيب لخدمة مذاهبهم، وتقديم السيرة وأحداثها وكذلك الأحاديث التاريخية، بصورة تطوع الإسلام لهذه النظم، بل منهم من صرف الأحداث ومعاني بعض النصوص في القرآن والسنة ليخدم مذهبه (١) . كما أن بعض كتب الأدب التي تحوي هذه الشناعات قد ترجمت إلى معظم لغات العالم، ليقدم صورة سيئة عن تاريخ الإسلام، وتصور أمراء المؤمنين في مجالس الخمر، وتحت تأثير المؤامرات النسائية، وغيرها، حتى أصبحت أسماء بعضهم عنوانًا للفحش والترف والانحطاط، ولقد تلقف بعض المثقفين هذه الأخبار وألفوا كتبًا، وهي تسيء إلى الإسلام والمسلمين، ومنهم من يدرك ذلك ومنهم من لا يدركه. إن السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي ترجمة عملية لعقيدة الإسلام، ولهذا عندما كتب هذا التاريخ بأيدي المستشرقين أو تلاميذهم، شاب هذه الدراسة أخطاء، ويرجع ذلك إلى أمرين:

الأول: أن هؤلاء لا يؤمنون بالإسلام وقيمه ومبادئه، ففسروا جهاد المسلمين وأعمالهم تفسيرًا نابعًا من عقيدة هؤلاء الكتاب عن القرآن والسنة النبوية.

والثاني: أنهم اعتمدوا على ما جاء في كتب السيرة من روايات ضعيفة ومكذوبة، ومن مصادرهم كتب الأدب مثل كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، وغيره من المصادر التي لم يوثقها أهل العلم.

ولقد استفاد خصوم الإسلام من عدم تحقيق روايات كتب السيرة والتاريخ، فنقلوها كما هي، ونسبوها إلى المؤرخين، ليضعوا عليها جملة من الأكاذيب، فمثلًا ينقل الطبري عن أبي مخنف خبرًا عن التحكيم، ثم نقله عنه ابن مسكون، وكذا ابن الأثير، ثم ابن كثير، وابن خلدون، ويخيل للقارئ أن الخبر قد رواه ستة من الرواة، وورد في ستة مصادر تاريخية، وهو في الحقيقة قد رواه شخص واحد وهو أبو مخنف الأزدي، ومصدر واحد هو الطبري، وهذا المصدر قد نبه صاحبه أنه نقل ما سمع من صحيح وسقيم للأمانة العلمية.


(١) انظر: التاريخ الكبير، للبخاري: ١/ ٢٥٢

<<  <  ج: ص:  >  >>