للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلل المستشرقون رواية الامتناع هذه بأن حفصة قد ورثت هذه الصحف عن أبيها ذمة مالية شخصية إذ أن المصحف الذي بدأه أبو بكر في حياته لم ينته إلا في عهد عمر لقصر حياة أبي بكر في الخلافة، ومن ثم رجحت لديهم رواية أن عمر هو أول من جمع القرآن على حد ما زعمه ابن سعد في (الطبقات) .. وأن دوافع هذا الجمع لدى أبي بكر، بمشورة عمر كانت الرغبة في تملك نسخة من القرآن حتى لا يكون رئيس الجماعة في وضع أقل من بعض الصحابة الذين يملكون نسخًا منه. فكلف أحد كتاب الوحي ممن سبق أن استخدمهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذه الوظيفة بأن يهيئه لهما. ولم يكن في ذهن أبي بكر وعمر أمر فرض مصحف إمام على جماعة المؤمنين (١) .

فلقد أراد المستشرقون، أن يضفوا طابع الشخصية على هذا العمل، ليجردوا هذا المصحف من كل ما تميز به من صفة التواتر وقطعية الثبوت، ليستوي مع غيره من مخطوطات الصحابة وبالتالي فليس هو أولى منها بالالتزام والمتابعة (٢) حتى إذا جاء عثمان ليفرض مصاحفه التي حوت ما كان في مصحف أبي بكر وعمر، مع ما ضمه إليها من مقطوعات ظلت مبعثرة أو محفوظة غيبًا ـ لم يستطع ذلك دون مقاومة، فإن الصحابة الذين بذلوا أنفسهم في خدمة محمد صلى الله عليه وسلم حتى التضحية بالنفس مثل ابن مسعود قد شعروا بالجور إذ تبينوا أن نصوصهم لم تعتمد أساسًا للمصحف الرسمي (٣) .


(١) انظر المدخل إلى القرآن: بلاشير: ص ٣٣ـ٣٦؛ وقارن بالقرآن لبلاشير: ص ٣٠
(٢) تاريخ القرآن، د. عبد الصبور شاهين: ص ١١٠
(٣) القرآن (بلاشير) : ص ٣٤، ٣٥

<<  <  ج: ص:  >  >>