للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلاصة القول في تلك الروايات: أن أبا بكر رضي الله عنه اتخذ الصحف المودعة في بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ركيزة جمعه، وطلب القرآن ممن عندهم محفوظًا أو مكتوبًا، ليعارض المفترق بالمجتمع، وليشترك الجميع في علم ما جمع فلا يغيب عن جمع القرآن أحد عنده منه شيء ولا يرتاب أحد فيما يودع المصحف، ولا يشك في أنه جمع عن ملأ منهم (١) وأن يشهد شاهدان من حفظ أو كتابة على ما يجيء مخالفًا لتلك الصحف أو مفقودًا منها.

أما عمل عثمان رضي الله عنه فهو لا يتعدى النسخ لمصحف أبي بكر المجمع عليه، في عدد من المصاحف لينشر النص القرآني المجموع في عهد أبي بكر المأخوذ مما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بإملائه حين دعت الضرورة إلى نص مكتوب يكون للناس إمامًا ليحسم الخلاف حول ما اعترى القرآن على ألسنتهم من تحريف بالزيادة والنقص واستبدال لفظ بلفظ، وليمتاز به التنزيل عما اختلط به من التأويل في المخطوطات المتداولة، وكما جرى على ألسنة العامة توهمًا أنه من الوحي المنزل، وليكون مرجع الناس في الأخذ بالمُستَيقَنِ المعلوم من نصوص الوحي المنزل، وكل نص خالف عنه ترفض قرآنيته، بل وكل مصحف عداه ليست له شرعية البقاء معه. ومن ثم وجب إحراقه وقاية من كل خلاف، وحماية من أي اختلاط (٢) .

وقد جاء في رواية ضعف العلماء سندها أن حفصة ـ رضي الله عنها ـ حين أرسل عثمان ـ رضي الله عنه ـ يطلب منها أن ترسل إليه الصحف التي كانت عندها أبت أن تدفعها إليه حتى عاهدها ليردنها إليها , فبعثت بها إليه أخيرًا" (٣) .


(١) راجع البرهان: ١/ ٢٣٨
(٢) انظر تفصيلًا أكثر في كتاب: (من قضايا القرآن) ، د. إسماعيل الطحان: ص ٧٧ ـ ٧٩
(٣) راجع كتاب المصاحف: ص

<<  <  ج: ص:  >  >>