للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ي) أضاف الأستاذ مالك بن نبي كثيرًا من الأمور التي تدل كل منها ـ فضلًا عن جميعها ـ تدل على أن القرآن وحي من عند الله تعالى وليس بشريًّا من عمل محمد منها: إرهاص القرآن: أي أخباره عن بعض أحوال المستقبل فجاءت فيما بعد كما أخبر القرآن كقوله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} (١) .

والقرآن لم يكن ثقيلًا في بداية نزوله ونجومه ولكن أصبح كذلك بعد اكتماله ووفاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو ثقل الفكرة الدينية والإيمان وليس مجرد القرآن , فقد حفظه الله تعالى ويسره للذكر، ومنها تصدير أو ختم بعض الموضوعات والقصص القرآنية بالإشارة إلى أن ما قصصناه عليك من أنباء الغيب كقوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} (٢) في صدر قصة يوسف , وقوله في نهايتها: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} (٣) .

ومثل ذلك في قصة مريم (٤) , وفي قصة نوح (٥) وهكذا.

ومن ذلك: فواتح بعض السور ببعض الحروف المقطعة التي لا مجال للعقل فيها (٦) .

ومنها: المناقضات التي كانت تقع بين الميول والاتجاهات الطبيعية لدى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبين ما يعتريه خلال تلقيه الوحي، فمن ذلك قوله تعالى: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} (٧) .

حيث صادرت الآية الكريمة إرادة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الترديد والحفظ أثناء عملية الوحي ووعدته في آية أخرى بالحفظ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} (٨) .

وبالإضافة إلى هذه المناقضات كانت هناك الموافقات العدة مع البحوث العلمية الحديثة كقوله تعالى: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} (٩) .

هذا التوافق الذي يخص شكل الأرض ودحو قطبيها، تلك الخاصة المساحية التي أثبتها العلم الحديث عمومًا، ويضاف إلى ذلك المجاز القرآني والقيم الاجتماعية التي جاء فيها القرآن بما لا يحصى (١٠) .


(١) سورة المزمل: الآية ٥
(٢) سورة يوسف: الآية ٣
(٣) سورة يوسف الآية: ١٠٢
(٤) سورة آل عمران: الآية ٤٤
(٥) سورة هود: الآية ٤٩
(٦) كأوائل السور: البقرة، آل عمران، الأعراف، يونس، هود، يوسف، الرعد، إبراهيم، الحجر، مريم، الطواسين، الحواميم، ق، ن
(٧) سورة طه: الآية ١١
(٨) سورة القيامة: الآيات ١٦ ـ ١٩
(٩) سورة الأنبياء: الآية ٤٤
(١٠) بتصرف من الظاهرة القرآنية: ص ٣٢٥ ـ ٣٦٠

<<  <  ج: ص:  >  >>