للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ج) التاريخ الإسلامي:

ولا نجدنا بحاجة إلى استعراضه لوضوح قيادة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والصحابة والأئمة لشؤون الحكم، وما كان الهدف المعلن للإمام الحسين (ع) إلا استلام الحكم من يزيد، وإقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

(د) الضرورة الإسلامية:

فإن مسألة الحكم وارتباطها بالإسلام لم يختلف فيها أحد، فحتى الخوارج الذين رفضوا حكام عصرهم نسبوا الحكم إلى الله غافلين عن أن الله لا بد وأن يعين من يطبق شريعته على الأرض ويقود عملية التربية الكبرى.

النقطة الثانية:

بالنسبة إلى الدوافع التي ذكرت للقول بفصل الإسلام عن مسألة الحكم نود أن نقول:

إن علائم التعمد والتحريف واضحة في كتاب "الإسلام وأصول الحكم" ولعل مؤلفه كان أدرى بأن ما يستدل به لا يتجاوز ما لا تستقيم دلالته على مدلوله أو ما لا يعدو كونه قصة تاريخية لا تملك سندًا شرعيًّا أو ظنًّا لا يغني عن الحق شيئًا.

أما الدوافع التي ذكرت بعد ذلك، فالدافع الأول منها سياسي محض وفرض وهم، إذ كيف يمكن أن نتصور بريطانيا تعمل على إرجاع الخلافة الإسلامية ولو في شخص رجل منحرف مثل الملك فؤاد، وهي التي عملت المستحيل وتوسلت بكل السبل لإفناء الخلافة العثمانية بفعل تحريك العميل الصهيوني الكبير أتاتورك وتحريك العرب وإثارة الروح القومية فيهم؟ وأمثال ذلك فلا يعدو هذا إلا وهمًا. نعم يمكن أن نتصور الاستعمار البريطاني نفسه يدفع أمثال "علي عبد الرازق" لفصل الإسلام عن مسألة الحكم وبالتالي خلق روحية الحكم المدني وجعل الدين ذا دور غير أساسي في التشريع وهو ما طبقه الاستعمار فعلًا في الدويلات التي شكلها بشكل غير مباشر وصاغ قوانينها الوضعية معطيًا للإسلام بعض المجالات القليلة كالشؤون الشخصية من زواج وطلاق وأمثالهما.

وأما الدافع الثاني: وهو التخوف من سيطرة الفقهاء على الدولة وتجميدها فقد رأينا الدكتور متولي يرده بأن الحكم الإسلامي يعزز مكانة الفقيه ولكنه لا يجعله رجل الدولة الوحيد ثم يذكر مثلًا للحاكم الإسلامي مجسدًا حكامًا مثل يزيد , ولم يكن يزيد بن معاوية من الفقهاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>