للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحاصل من كلام ابن قاضي سماوة أنه رهن حكمًا، وإن كان بيعًا شكلًا (١) .

وأورد أبو عبد الله محمد بيرم الثاني من فقهاء الحنفية بتونس (٢) أنه قد رد القول برهنيته بأن الانتفاع به مقصود، والاستيثاق به كذلك، ومن هنا تنتفي الرهنية شكلًا ومعنى، ولا وجه لترجيح جانب الاستيثاق على جانب الانتفاع، إن سلمنا بتساويهما لما في ذلك من ترجيح أحد المقصودين من غير مرجح، فكيف لو ادعينا ترجيح جانب قصد الانتفاع على جانب الاستيثاق لأنه المتبادر إلى الذهن مع مساعدة اللفظ له لم يبعد، لا يقال: قصد الانتفاع بل شرطه لفظًا لا يمنع اعتباره رهنًا، إذ كل ما في الأمر أن يكون رهنًا مشروطًا ومحتويًا على شرط فاسد وهو الانتفاع به، فيبطل الشرط ويصح الرهن إذ الرهن لا يبطل بالشروط الفاسدة.

والجواب أن هذا الاعتراض يصح لو عنون بالرهن وكلامنا منصب على المعنون بالبيع (٣) .

٢- أن بيع الوفاء بيع جائز:

قال الزيلعي في شرحه على الكنز: ومن مشائخ سمرقند من جعله (أي بيع الوفاء) بيعًا جائزًا مفيدًا بعض أحكامه، منهم الإمام نجم الدين النسفي فقال: اتفق مسايخنا في هذا الزمان فجعلوه بيعًا جائزًا مفيدًا بعض أحكامه وهو الانتفاع به دون البعض وهو البيع لحاجة الناس إليه وتعاملهم به. قال صاحب النهاية: وعليه الفتوى. وسندهم في ذلك: حاجة الناس إليه، وتعاملهم به، والقواعد قد تترك بالتعامل وجواز الاستصناع لذلك (٤) وسيأتي مزيد بسط لهذه الحجة عند الكلام على القول الخامس وهو أن بيع الوفاء بيع مركب من الرهن والبيع الجائز البات.


(١) ١/٢٣٤، بتصرف.
(٢) جاء في تاريخ ابن أبي الضياف أن وفاة شيخ الإسلام الرجل الصالح أبي عبد الله محمد ابن شيخ الإسلام أبي عبد الله محمد بن حسين بيرم كانت في السادس عشر من جمادى الأولى من سنة سبع وأربعين بعد المائتين والألف، الأحد ٢٣/١٠/١٨٣١ وتغيرت البلاد لوفاته، ولم يتغيب عن جنازته إلا من عاقه العجز وحضر الباي (أبو عبد الله حسين باشا ابن محمود بن محمد بن حسين بن علي) وبنوه ورجال الدولة وتبركوا بحمل نعشه ودفن بتربة أبيه قرب داره. الإتحاف: ٣/١٨٠، طبعة أولى تونس ١٩٦٣.
(٣) انظر الرسالة البيرمية: الوفاء بمسائل الوفاء: ص٤ ظهرًا السالفة الذكر.
(٤) راجع تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: ٥/١٨٣، ١٨٤، طبعة أولى، بولاق مصر ١٣١٥هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>