للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأول قاض حنفي تولى هذا المنصب هو الفقيه الشيخ أحمد الطرودي ١١٥٧ (١) . وأول من تولى قضاء المذهب المالكي في نفس الفترة الشيخ محمد سعادة كلاهما في مدة الباشا علي باي الأول (٢) ، وكان هذا الاختيار مبنيًّا في الغالب على المقدرة العلمية والشهرة الفائقة بين المدرسين من أهل العلم والفضل، أو على تقدير الناس وتقديمهم لمن هو أكثر نفعًا وإفادة لهم وأعلى منزلة لديهم من حيث الحزم والورع والتقوى. وقد كان للسياسة دخل في التقريب والإقصاء كما لها مواقف مختلفة أملتها تصرفات القضاة والمفتيين. ولعل من أصدق مقالات العلماء في تصوير ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بينهم وبين الساسة هو ما ذكره محمد ابن الخوجة عن جده مجيبًا عن عتاب وجهه له الأمير لتأخره عن زيارته:

قل للأمير نصيحة

لا تركنن إلى فقيه

إن الفقيه إذا أتى

أبوابكم لا خير فيه

(٣) .

ومن أبرز العلماء الأحناف الذين أسندت إليهم هذه الوظائف في عهد مؤسس الدولة الحسينية ومن بعده:

١- الفقيه المحدث الإمام الزغواني، وهو الشيخ يوسف بن محمد بن سليمان بن عبد الله برتقيز. كان جده عبد الله من أسرى البحر، ولقبه يدل على أصله ونسبته إلى البرتغال ١٠٩٢ بزغوان - ١١٤٨ بتونس. قرأ ببلده على الشيخ أحمد الهرميلو الأندلسي، وبباجة على الشيخ حميدة المفتي، ثم رحل إلى الأزهر بمصر وذهب إلى الحج ولازم الحرم المكي. وبفضل هذه الرحلة لقي الإمام مسند الحجاز عبد الله بن سالم البصري المكي وروى عنه بإسناده. وقد انتخبه لفضله وعلمه حسين بن علي تركي لتربية أولاده، وتقلب في المناصب الشرعية كالإمامة ورئاسة الفتوى. له في شرح مختصر القدوري كتاب المنن، ونظم متن هداية الصبيان في العبادات، وكتاب تيجان العقيان في تجريد جامع مسانيد النعمان، وشرحه اليواقيت الحسان، وتلخيص التراجم الواردة في الطبقات الكبرى للشعراني، ورياض الفنون في شرح رسالة ابن زيدون الجدية، والمعالم في ألقاب ملوك العالم. ولقربه من حسين بن علي تركي وما ناله من حظوة لديه أمر علي باشا بن محمد بالقبض عليه وولده وبعد سجنهما أمر بقتلهما (٤) .


(١) الوزير السراج: ٣/١١٧؛ وحسين خوجه، ذيل البشائر: ص٢٥٢ - ٢٥٣؛ والعياضي، مفاتح النصر: ص١٧٩.
(٢) محمد ابن الخوجة، صفحات من تاريخ تونس: ص١٨٦، ١٨٧.
(٣) محمد ابن الخوجة، صفحات من تاريخ تونس: ص٢٠٠.
(٤) حسن حسني عبد الوهاب، كتاب العمر: ١، ٢/٩٢١ - ٩٢٣، ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>