وتحتوي على خلاصة ما عرضناه من آراء المذاهب: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، مع إبراز ما تلتقي فيه هذه المذاهب أو تفترق، والآفاق التي يمكن أن يمتد إليها هذا النوع من التعاقد في كل مذهب.
آراء المذاهب
أولا – المذهب الحنفي:
* وقد عرضت من خلال هذا المذهب تعريف الاستصناع عند جمع من فقهاء الحنفية، ومنه تعريف الكاساني:(الاستصناع عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل) والثمن معلوم ومحدد، ويصح أن يدفعه كله عند التعاقد أو بعضه والباقي عند استلام المصنوع ويصح تأخيره إلى أن يتسلم المصنوع.
* ثم بينت رأي الحنفية في جواز هذا النوع من التعاقد (غير زفر) وبينت أدلة كل فريق.
* ثم عرضت رأي الحنفية في تكييف عقد الاستصناع هل هو مواعدة، أو هو عقد بيع، أو هو عقد يبدأ إجارة وينتهي بيعا – ورجحت أنه بيع.
* ثم ذكرت شروط صحة عقد الاستصناع عندهم من كون المصنوع معلوما، وكونه مما يجري فيه التعامل بين الناس، كما وضحت أثر اشتراط الأجل في عقد الاستصناع، وهل يصير به سلما – كما يرى أبو حنيفة – أو يظل عقد استصناع كما يرى أبو يوسف ومحمد .... ورجحت قول الصاحبين.
* ثم تعرضت لأركان عقد الاستصناع، وفصلت الحديث في المعقود عليه (في حقيقته) .
ثم بينت صفته – لازما أو غير لازم – وعرضت رأي المذهب في أنه غير لازم في حالة ما قبل تمام الصنع، وكذا حالة ما بعد تمامه قبل تقديمه للمستصنع، أما بعد تقديم المصنوع إلى المستنصع فقد عرضت آراءهم وهي: يسقط خيار الصانع وللمستصنع الخيار - وهذا هو جواب ظاهر الرواية - وروي عن أبي حنيفة أن لكل منهما الخيار، وروي عن أبي يوسف أنه لا خيار لهما – أي أن العقد يكون لازما عنده – وإن كانت مجلة الأحكام العدلية رأت أن عقد الاستصناع عقد لازم فليس لأحد المتعاقدين الرجوع، وإذا لم يكن على الأوصاف المطلوبة المبينة كان المستصنع مخيرا (م٣٩٢) .
* ثم بينت الأثر المترتب على عقد الاستصناع من ثبوت الملك للمستصنع في العين المبيعة في الذمة، وثبوت الملك للصانع في الثمن.
* وأخيرًا بينت ما ينتهي به عقد الاستصناع – من تقديم المصنوع إلى المستصنع وقبوله له، ومن موت أحد العاقدين، ومن هلاك العين التي تعينت لصنع الشيء المطلوب صنعه في عقد الاستصناع منها ووقوع اليأس من استيفاء المعقود عليه حينئذ منها، ومن أنه إذا أجزنا ذكر الأجل في عقد الاستصناع – بناء على رأي أبي يوسف ومحمد – فإنه ينتهي بانقضاء الأجل دون أن يتم انتهاء الصانع من الشيء المصنوع وتقديمه إليه على الصفة المتفق عليها.