للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الثانية

التعاقد (سلما) على الأشياء

المختلطة من أكثر من مادة صنعة

وهذه الصورة تشمل ثلاثة أنواع يصدق عليها هذا الاسم:

النوع الأول: التعاقد على ما يجمع أخلاطا مقصودة متميزة.

فقد نص فقهاء المذهب على (صحة السلم فيما يجمع أخلاطا مقصودة متميزة، كثياب منسوجة من نوعين – كإبريسم وقطن، لأن ضبطها ممكن، ونشاب، ونبل مريشين، وخفاف ورماح متوز ونحوها، لإمكان ضبطها بالصفة) .

(ولا يصح السلم فيما يجمع أخلاطا غير متميزة، كقسي مشتملة على خشب وقرن وعصب وتوز. ونحوها , كطلاء، إذ لا يمكن تمييز ما في القوس من كل نوع من هذه) .

(ولا يصح السلم في مالا يتميز كمغشوش من أثمان – لأن غشها يمنع العلم بالقدر المقصود منها – وكمعاجين وحلوى وند وغالية، فلا يصح السلم فيها لعدم ضبطها) .

* وواضح أن تعليل المذهب هنا لصحة السلم في هذا النوع بأن (ضبطها ممكن بضبط صفاتها) يجعلنا نقول: إن كل ما يتحقق فيه هذه العلة من الأشياء المراد صنعها عن طريق عقد السلم يكون صحيحا. ومعلوم لنا أن ضبط الأجزاء الآن وتمييزها ممكن بواسطة أهل الخبرة.

النوع الثاني: التعاقد "سلما" على ما يترك فيه شيء غير مقصودة لمصلحة.

هذا النوع يتميز بأن فيه أكثر من مادة، إلا أن ما زاد عن مادته وضع فيه لمصلحة هذه المادة الأصلية. وقد صح السلم فيه. حيث قالوا: (يصح السلم فيما يترك فيه شيء غير مقصود لمصلحة (كجبن يوضح فيه الإنفحة، والخبز يوضع فيه الملح، وخل تمر يوضع فيه الماء، والسكنجبين يوضع فيه الخل، ونحوها كدهن ورد وبنفسج، لأن ذلك يسير غير مقصود لمصلحة فلم يؤثر) .

ومن هذا التعليل أيضا الذي أورده المذهب الحنبلي لصحة السلم فيما ما هذا شأنه وهو (وضع شيء يسير غير مقصود لمصلحة المادة الأصلية المقصودة) لا يؤثر في صحة السلم. ويمكن أن يطبق ذلك على كل المواد التي يحتاج فيها إلى خلطها بقدر يسير من مادة أخرى غير مقصودة لمصلحة المادة الأصلية) . وذلك يعم كل ما هذا شأنه من أنواع المواد المثيلة أو المشابهة.

* أما المخلوط بما لا ينفعه فإنه لا يصح السلم فيه، وقد ضرب المذهب له مثلا باللبن المشوب بالماء، والحنطة المخلوطة بزوان، فإن السلم في ذلك لا يصح، لأنه مجهول لا ينضبط بالصفة.

* ومن هنا يتبين لنا أن المذهب الحنبلي يصحح السلم في الأشياء المختلطة صنعة من أكثر من مادة وذلك إذا تحقق فيها ما يأتي:

أولا: أن تكون أخلاطها مقصودة متميزة.

ثانيا: إمكان ضبطها بالصفة.

فما لا يتحقق فيه ذلك لا يصح السلم فيه.

* أما الأشياء المختلطة خلقة فيصح السلم فيها لاتصالها خلقة، إذ لا دخل لعمل الإنسان فيها، فإن دخل فيها غش – كلبن مشوب بالماء فلا يصح السلم فيها لعدم ضبطها بصفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>