٣- ألا يذكر فيه أجل محدد: فإذا ذكر المتعاقدان أجلًا معينًا لتسليم المصنوع، فسد العقد وانقلب سلمًا عند أبي حنيفة، فتشترط فيه حينئذ شروط السلم، مثل قبض جميع الثمن في مجلس العقد، وأنه لا خيار لأحد العاقدين إذا سلم الصانع المصنوع على الوجه الذي شرط عليه في العقد ودليله أن العاقد إذا حدد أجلًا فقد أتى بمعنى السلم, والعبرة في العقود بمعانيها، لا لصور الألفاظ. ولهذا إذا حُدِّدَ أجلٌ فيما لا يجوز الاستصناع فيه، كأن يستصنع حائكًا للنسج بغزل نفسه أو خياطًا للخياطة بقماش من عنده، انقلب العقد سلمًا.
والمراد بالأجل: شهر فما فوقه، فإن كان أقل من شهر، كان استصناعًا إن جرى فيه تعامل، أو كان القصد من الأجل الاستعجال بلا إمهال، كأن قال: على أن تفرغ منه غدًا أو بعد غد، فإن قصد من الأجل الاستمهال والتأجيل، لم يصح استصناعًا، ولا يصح سلمًا إذا كان الأجل دون شهر والخلاصة: أن المؤجل بشهر فأكثر سلم، والمؤجل بدونه إن لم يجر فيه تعامل فهو استصناع إلا إذا ذكر الأجل للاستعجال فصحيح.
وقال الصاحبان: ليس هذا بشرط، والعقد استصناع على كل حال، حدد فيه أجل أو لم يحدد، لأن العادة جارية بتحديد الأجل في الاستصناع، فيكون شرطًا صحيحًا لذلك وهذا القول هو المتفق مع ظروف الحياة العملية، وحاجات الناس، فيكون هو الأولى بالأخذ به.
نصت المادة (٣٨٩) من المجلة على ما يلي: كل شيء تعومل استصناعه، يصح فيه الاستصناع على الإطلاق وأما ما لم يتعامل باستصناعه إذا بين فيه المدة، صار سلمًا، وتعتبر فيه حينئذ شروط السلم، وإذا لم يبين فيه المدة، كان من قبيل الاستصناع أيضا " وإذا حددت مدة لتقديم المصنوع، فانقضت دون أن يفرغ الصانع منه ويسلمه، فالظاهر أن يتخير المستصنع بين الانتظار والفسخ، كما هو المقرر في عقد السلم (١) .