للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشروط التي تلحقه أو تفارقه ومدى تأثيرها في حكمه:

اشترط الحنفية لجواز الاستصناع شروطًا ثلاثة إذا فاتت أو فات واحد منها فسد العقد، وكان له حكم البيع الفاسد الذي ينقل الملكية بالقبض ملكًا خبيثًا لا يجيز الانتفاع به ولا الاستعمال ويجب إزالة سبب الفساد احترامًا لنظام الشرع، وهذه الشروط هي ما يلى (١) :

١- بيان جنس المصنوع ونوعه وقدره وصفته: لأنه مبيع، فلابد من أن يكون معلومًا، والعلم يحصل بذلك؛ فإذا كان أحد هذه العناصر مجهولًا، فسد العقد، لأن الجهالة المفضية للمنازعة تفسد العقد، وبناء عليه، إذا استصنع شخص إناءً أو سيارة بين في الإناء نوع المعدن وجنسه ومقاسه وحجمه وأوصافه وعدد الآنية المطلوبة إذا كانت متعددة، فإذا أخفى ذلك كله أو شيئا منه، فسد العقد للجهالة وكذلك في صنع السيارة تبين جميع المواصفات المطلوبة، منعًا من الجهالة والنزاع المنتظر عند تعارض المصنوع مع ما قد يترقبه المستصنع.

٢- أن يكون المصنوع مما يجري فيه تعامل الناس كالمصوغات والأحذية والأواني وأمتعة الدواب ووسائل النقل الأخرى، فلا يجوز الاستصناع في الثياب أو في سلعة لم يجر العرف باستصناعها كالدبس (ما يخرج من العنب) لعدم تعامل الناس به، ويجوز ذلك على أساس عقد السلم إذا استوفى شروط السلم، فإذا توافرت فيه فسد استصناعًا وصح سلمًا، لأن العبرة في العقود للمقاصد والمعاني، لا للألفاظ والمباني ويصح السلم في غير المثلى كالثياب والبسط والحصر ونحوها، ويصح في عصرنا الحاضر الاستصناع في الثياب لجريان التعامل فيه، والتعامل يختلف بحسب الأزمنة والأمكنة.


(١) المبسوط: ١٢/١٣٩؛ والبدائع: ٥/٣، ٢٠٩ وما بعدها؛ وفتح القدير: ٥/٣٥٥؛ والدر المختار ورد المحتار: ٤/٢٢٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>