للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحور الأول

تعريف الاستصناع

الاستصناع في اللغة: طلب الصنعة، والصنعة: عمل الصانع في صنعته أي حرفته، كما جاء في المصباح المنير ومختار الصحاح والقاموس المحيط.

وهو في اصطلاح الفقهاء: طلب العمل من الصانع في شيء مخصوص على وجه مخصوص (١) ، أو هو عقد مع صانع على عمل شيء معين في الذمة (٢) ؛ أي العقد على شراء ما سيصنعه الصانع، وتكون العين أو مادة الصنعة والعمل من الصانع، فإذا كانت العين من المستصنع لا من الصانع، فإن العقد يكون إجارة لا استصناعًا وبعض الفقهاء يقول: إن المعقود عليه هو العمل فقط؛ لأن الاستصناع طلب الصنع وهو العمل.

مثاله: أن يطلب المستصنع (وهو المشتري أو المستأجر) أحد أفراد الناس من الصانع (وهو البائع أو الأجير) كنجار وحداد وحذاء ونحوهم من أصحاب الحرف أو المهن أن يصنع له شيئًا معينًا بأوصاف محددة، كأثاث منزل أو مكتبة أو كرسي أو حلي وغيرها، على ثمن معلوم، إذا جرى فيه التعامل كالقلنسوة والخف والآنية ونحوها عملًا بالعرف (٣) .

وينعقد الاستصناع بالإيجاب والقبول من المستصنع والصانع ويقال للمشتري: مستصنع، وللبائع: صانع، وللشيء: مصنوع، كاتفاق شخصين على صنع أحذية أو آنية أو ثياب أو أثاث منزلي ونحو ذلك (٤) .

وهو عقد يشبه السلم (بيع آجل بعاجل) لأنه بيع لمعدوم، وأن الشيء المصنوع ملتزم عند العقد في ذمة الصانع البائع، ولكنه يفترق عنه من حيث إنه لا يجب فيه تعجيل الثمن (رأس المال) ولا بيان مدة الصنع والتسليم، ولا كون المصنوع مما يوجد في الأسواق.

ويشبه الإجارة أيضا، لكنه يفترق عنها من حيث إن الصانع يضع مادة الشيء المصنوع من ماله.


(١) رد المحتار، لابن عابدين: ٤/٢٢١.
(٢) المجلة: م١٢٤.
(٣) البدائع: ٥/٢٠٩ وما بعدها.
(٤) البدائع: ٥/٢؛ وفتح القدير: ٥/٣٥٥؛ والفتاوى الهندية: ٤/٥٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>