للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عابدين في حاشيته (٤/٢١٣) :

"للصانع أن يبيع المصنوع قبل أن يراه المستصنع، لأن العقد غير لازم ".

وقال: إذا أحضره الصانع على الصفة المشروطة سقط خياره، وللمستصنع الخيار – هذا جواب ظاهر الرواية، - وروى عنه ثبوته لهما، وعن الثاني عدمه لهما، والصحيح الأول".

وقال أيضًا:

" ... فقد ظهر لك بهذه النقول أن الاستصناع لا جبر فيه إلا إذا كان مؤجلًا بشهر فأكثر فيصير سلمًا، وهو عقد لازم يجبر عليه ولا خيار فيه، وبه علم أن قول المصنف: فيجبر الصانع على عمله ولا يرجع الآمر عنه – إنما هو فيما إذا صار سلمًا، فكان عليه ذكره قبل قوله: وبدونه، وإلَّا فهو مناقض لما ذكره بعده من إثبات الخيار للآمر، ومن أن المعقود عليه العين لا العمل، فإذا لم يكن العمل معقودًا عليه فكيف يجبر عليه؟

وأما ما في الهداية عن المبسوط من أنه لا خيار للصانع في الأصح فذلك بعد ما صنعه ورآه الآمر، كما صرح به في الفتح، وهو ما مر عن البدائع، والظاهر أن هذا منشأ توهم المصنف وغيره كما يأتي. وبعد تحريري لهذا المقام رأيت موافقته في الفصل الرابع والعشرين من نور العين إصلاح جامع الفصولين حيث قال: "بعد أن أكثر من النقل في إثبات الخيار في الاستصناع: فظهر أن قول الدرر تبعًا لخزانة المفتي أن الصانع يجبر على عمله والآمر لا يرجع عنه سهو ظاهر. اهـ فاغتنم هذا التحرير ولله الحمد".اهـ (٤/٢١٣) .

ويؤخذ مما سبق ما يأتي:

١- الاستصناع عقد غير لازم قبل العمل لكل من المتعاقدين، وهذا لا خلاف حوله عند الحنفية.

٢- وهو كذلك لازم بعد الفراغ من العمل قبل أن يراه المستصنع.

٣- اختلف الحنفية في الحكم إذا أحضر الصانع العين على الصفة المشروطة:

(أ) فظاهر الرواية عن الإمام والصاحبين: أن الصانع يسقط خياره، ويبقى للمستصنع الخيار.

(ب) وروي عن الإمام أن لكل واحد منهما الخيار.

(ج) وروي عن أبي يوسف أنه لا خيار لهما جميعًا.

والأول هو الأصح كما قال ابن عابدين.

ونلاحظ أن الأدلة تنبني أساسًا على القول بمنع الضرر، استدل بهذا من قال بالخيار، ومن قال بالإلزام.

<<  <  ج: ص:  >  >>