للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الكاساني في البدائع (٥/٢ – ٣) :

(وأما جوازه فالقياس أن لا يجوز، لأنه بيع ما ليس عند الإنسان لا على وجه السلم، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند الإنسان ورخص في السلم ويجوز استحسانًا لإجماع الناس على ذلك، لأنهم يعملون ذلك في سائر الأعصار من غير نكير، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((لا تجتمع أمتي على ضلالة)) ، وقال عليه الصلاة والسلام: ((ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحًا فهو عند الله قبيح)) . والقياس يترك بالإجماع، ولهذا ترك القياس في دخول الحمام بالأجر من غير بيان المدة ومقدار الماء الذي يستعمل، وفي قصعة الشارب للسقاء من غير بيان قدر المشروب، وفي شراء البقل وهذه المحقرات، كذا هذا.

ولأن الحاجة تدعو إليه؛ لأن الإنسان قد يحتاج إلى خف أو نعل من جنس مخصوص ونوع مخصوص على قدر مخصوص وصفة مخصوصة، وقلما يتفق وجوده مصنوعًا، يحتاج إلى أن يستصنع، فلو لم يجز لوقع الناس في الحرج.

وقد خرج الجواب عن قوله إنه معدوم لأنه ألحق بالموجود لمساس الحاجة، كالمسلم فيه، فلم يكن بيع ما ليس عند الإنسان على الإطلاق، ولأن فيه معنى عقدين جائزين وهو السلم والإجارة، لأن السلم عقد على مبيع في الذمة، واستئجار الصناع يشترط فيه العمل، وما اشتمل على معنى عقدين جائزين كان جائزًا) . اهـ.

وقال صاحب الهداية في جوازه استحسانًا: (للإجماع الثابت بالتعامل، وفي القياس لا يجوز لأنه بيع المعدوم) .

وقال ابن الهمام في شرح ما سبق: (اصنع لي خفًّا طوله كذا وسعته كذا، أو دستًا أي برمة تسع كذا ووزنها كذا على هيئة كذا بكذا، ويعطى الثمن المسمي أو لا يعطى شيئًا، فيعقد الآخر معه، جاز استحسانًا تبعًا للعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>