للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا فرق في الحكم بين ما إذا كان الطالب لهذا النقصان هو المدين أو الدائن، لأن هذا يدخل في الشرط والاتفاق. فالمدين يطلب الإسقاط في مقابل التعجيل، والدائن يطلب التعجيل في مقابل الإسقاط.

ومع ذلك، فإني أرى أن إسقاط بعض الدين في مقابل التعجيل جائز، ولو بالشرط أو الاتفاق، لاسيما إذا كان قد زيد في الدين في مقابل التأجيل، كما في البيوع المؤجلة.

ولست أعني بهذا أن الدين إذا لم يزد فيه للتأجيل لم يسقط منه للتعجيل، فالإسقاط للتعجيل جائز سواء كان زيد فيه للتأجيل أو لا، ذلك بأن عدم الزيادة للتأجيل، كما في البيوع المؤجلة (دون القروض) ، يعتبر تنازلًا من الدائن عن حقه.

عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج بني النضير، جاءه ناس منهم، فقالوا: يا نبي الله، إنك أمرت بإخراجنا، ولنا على الناس ديون لم تحل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ضعوا وتعجلوا)) . [رواه الطبراني في الكبير، والحاكم في المستدرك ٢/٥٢، وقال: صحيح الإسناد. وانظر: سنن الدارقطني: ٣/٢٤٦؛ ومجمع الزوائد للهيثمي: ٤/١٣٠؛ والمطالب العالية لابن حجر: ١/٤١١؛ وإغاثة اللهفان لابن القيم: ٣/١٢] .

والحطيطة (= الوضعية) للتعجيل منعها جمهور العلماء، وأجازها بعضهم كابن عباس، وزيد بن ثابت من الصحابة، ونفر من فقهاء الأمصار، وإبراهيم النخعي، وطاوس، والزهري، وأبو ثور. وعن الإمام أحمد فيها روايتان، اختار رواية الجواز شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم. كما أجازها ابن عابدين الفقيه الحنفي، وفيه قول عن الإمام الشافعي.

[انظر: مصنف ابن أبي شيبة: ٧/٢٨ – ٢٩؛ وأحكام القرآن للجصاص: ١/٤٦٧؛ والمبسوط للسرخسي: ١٣/١٢٦؛ وبداية المجتهد: ٢/١٠٨؛ والاختيارات الفقهية لابن تيمية: ص١٣٤؛ وإغاثة اللهفان لابن القيم: ٢/١١، وإعلام الموقعين له أيضًا: ٣/٣٧١؛ وحاشية ابن عابدين: ١/٢٧٨ و ٥/١٦٠ و ٧/٧٥٧؛ والعقود الدرية له: ١٢/٢٧٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>