للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢-٩ – النظر في الخصم من طريق بيع الدين:

يفرق الفقهاء، في بيع الدين، بين بيع الدين بمن هو عليه، وبيع الدين لغير من هو عليه.

ويمكن النظر إلى خصم الأوراق التجارية على أنه من باب بيع الدين (المؤجل) لثالث أي لغير من هو عليه هذا الدين. غير أن الفقهاء الذين أجازوا هذا البيع (المالكية) اشترطوا شروطًا لصحته، منها أن يباع الدين بغير جنسه، أو بجنسه إذا كان مساويًا له [الخرشي على خليل: ٥/٧٧؛ والزرقاني على خليل: ٥/٨٣؛ وشرح منح الجليل: ٢/٥٦٤؛ والبهجة شرح التحفة: ٢/٤٧] .

وفي الخصم يباع الدين بجنسه مع التفاضل: نقود بنقود أكثر منها، فهو إذن سلف ربوي، أي تجارة بالديون، والمصرف الربوي تاجر ديون.

أما الفقهاء المانعون (الحنفية، والشافعي في أحد القولين، وأحمد في إحدى الروايتين) من بيع الدين لغير من هو عليه. فقد احتجوا بأن الدين المبيع غير مقدور التسليم. فقد يجحده المدين أو يتخلف عن دفعه، فهو إذن من بيع الغرر.

[انظر في الفقه الحنفي: تبيين الحقائق: ٤/٨٣؛ والأشباه والنظائر لابن نجيم: ص٣٥٨. وفيه الفقه الشافعي: نهاية الحتاج: ٤/٨٩؛ والمجموع: ٩/٢٧٥؛ وفتح العزيز بهامش المجموع: ٨/٤٣٨. وفي الفقه الحنبلي: شرح منتهى الإرادات: ٢/٢٢٢؛ والمبدع في شرح المقنع: ٤/١٩٩؛ وكشاف القناع: ٣/٣٠٧؛ والمغني مع الشرح الكبير ٤/٣٤٢؛ والمحرر في الفقه ١/٣٣٨. وانظر: التصرف في الدين، للدكتور نزيه حماد: ص٤٦.

لكن ربما يخفف من هذا الغرر الضمانات الموجودة في نظام الأوراق التجارية، وقد أشرنا إليها لدى الكلام عن توثيق الدين (٢ – ٢) ، وعن خصائص الأوراق التجارية (٢ –٣) .

وليس يعني هذا أن الخصم يصبح جائزًا، إذ يمنع من جوازه ما ذكرناه لدى بيان رأي الفقهاء المجيزين لبيع الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>