للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بكر السهمي، عن حاتم بن أبي صغيرة، عن حبيب بن أبي ثابت، أن الحارث وعكرمة بن أبي جهل وعياش بن أبي ربيعة جرحوا يوم اليرموك. . . إلى آخر القصة، وقد ذكر غير واحد أن حبيب بن أبي ثابت مدلس، وقال ابن حجر في التقريب: إنه ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس. اهـ، ولم يصرح بأنه شهد واقعة اليرموك، بل الغالب أنه لم يدركها؛ فإنه توفي عام ١١٩هـ وكانت الواقعة عام ١٥هـ.

ثانيا: في متن القصة اختلاف في تعيين الثلاثة الذين آثر بعضهم بعضا بالماء، واضطراب في تاريخ وفاتهم ومكانه، وفي السبب الذي مات كل منهم به، وهذا مما يؤيد عدم صحة القصة، ولهذا حكم ابن قتيبة عليها بالوضع.

ثالثا: إنه على تقدير صحة هذه القصة سندا وسلامة متنها من الاضطراب لا يتعين فيها أن يكون كل آثر غيره بالماء القليل مع علمه أو غلبة ظنه أنه يموت بسبب هذا الإيثار؛ لاحتمال أن يكون آثر أخاه بالماء وهو يرجو لنفسه الحياة دون شربه، ويرى أخاه أحوج إليه منه، أو يكون قد غلب على ظنه بالأمارات أن الماء لا ينقذه من الموت؛ لأن الجراح قد أثبتته وأنفذت مقاتله، ورأى أن ينقذ أخاه حسب الأسباب العادية فآثره به على نفسه، ومع هذه الاحتمالات لا يتم الاستدلال بالقصة على المطلوب.

رابعا: ما ذكره القرطبي في تفسير سورة الحشر من سائر الأحاديث والآثار في بيان فضيلة الإيثار، وكذا ما ذكر بعده في ذلك لا يدل على جواز الإيثار بما يفضي إلى هلاك المؤثر أو إصابته بضرر أو