للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل كالتصريح على المنع من الجائز لئلا يكون سببا في فعل ما لا يجوز.

الوجه الثاني: قوله تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} (١) فمنعهن من الضرب بالأرجل، وإن كان جائزا في نفسه؛ لئلا يكون سببا إلى سمع الرجال صوت الخلخال، فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم إليهن.

الوجه الثالث: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ} (٢) الآية. أمر تعالى مماليك المؤمنين ومن لم يبلغ منهم الحلم أن يستأذنوا عليهم في هذه الأوقات الثلاثة؛ لئلا يكون دخولهم هجما بغير استئذان فيها ذريعة إلى اطلاعهم على عوراتهم وقت إلقاء ثيابهم عند القائلة والنوم واليقظة. ولم يأمرهم بالاستئذان في غيرها، وإن أمكن في تركه هذه المفسدات؛ لندورها وقلة الإفضاء إليها فجعلت كالمقدمة (٣).

الوجه الرابع: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} (٤) نهاهم سبحانه أن يقولوا هذه الكلمة - مع قصدهم بها الخير - لئلا يكون قولهم ذريعة إلى التشبه باليهود في أقوالهم وخطابهم؛ فإنهم كانوا يخاطبون بها النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقصدون بها السب، يقصدون فاعلا من الرعونة فنهي المسلمون عن قولها سدا لذريعة المشابهة، ولئلا يكون ذلك ذريعة إلى أن يقولها اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم تشبها بالمسلمين، يقصدون بها غير ما يقصده المسلمون.

الوجه الخامس: قوله تعالى لكليمه موسى وأخيه هارون: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} (٥) {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (٦)


(١) سورة النور الآية ٣١
(٢) سورة النور الآية ٥٨
(٣) كذا بالأصل وصوابه كالمعدوم.
(٤) سورة البقرة الآية ١٠٤
(٥) سورة طه الآية ٤٣
(٦) سورة طه الآية ٤٤