للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحج (١)»، رواه أحمد وذكره البخاري تعليقا، وعن أم معقل الأسدية أن زوجها جعل بكرا في سبيل الله وأنها أرادت العمرة فسألت زوجها البكر فأبى فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له، فأمره أن يعطيها، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الحج والعمرة في سبيل الله (٢)» رواه أحمد. وعن يوسف بن عبد الله بن سلام عن جدته أم معقل قالت: «لما حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع - وكان لنا جمل - فجعله أبو معقل في سبيل الله، وأصابنا مرض وهلك أبو معقل وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما فرغ من حجته جئته فقال: يا أم معقل ما منعك أن تخرجي؟ قلت: لقد تهيأنا فهلك أبو معقل وكان لنا جعل هو الذي نحج عليه فأوصى به أبو معقل في سبيل الله قال: فهلا خرجت عليه فإن الحج من سبيل الله (٣)» رواه أبو داود.

قال الشوكاني: حديث ابن لاس سيأتي الكلام عليه. وحديث أم معقل أخرجه بنحو الرواية الأولى أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه، وفي إسناده رجل مجهول، وفي إسناده أيضا إبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي الكوفي، وقد تكلم فيه غير واحد. وقد اختلف على أبي بكر بن عبد الرحمن فيه. فروي عنه عن رسول الله مروان الذي أرسله إلى أم معقل عنها. وروي عنه عن أم معقل بغير واسطة، وروي عنه عن أبي معقل. والرواية الثانية التي أخرجها أبو داود في إسنادها محمد بن إسحاق وفيه مقال معروف.

قوله: ابن لاس هكذا في نسخ الكتاب الصحيحة بلفظ ابن والذي في البخاري: أبي لاس، وكذا في التقريب من ترجمة عبد الله بن غنيمة. ولاس بسين مهملة خزاعي، اختلف في اسمه فقيل زياد وقيل عبد الله بن عنمه، بمهمله ونون مفتوحتين - وقيل غير ذلك، له صحبة وحديثان هذا أحدهما، وقد وصله مع أحمد ابن خزيمة والحاكم وغيرهما من طريقه، قال الحافظ: ورجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق ولهذا توقف ابن المنذر في ثبوته.

وأحاديث الباب تدل على أن الحج والعمرة من سبيل الله، وأن من جعل شيئا من ماله في سبيل الله جاز له صرفه في تجهيز الحجاج والمعتمرين، وإذا كان شيئا مركوبا جاز حمل الحاج والمعتمر عليه، وتدل أيضا على أنه يجوز صرف شيء من سهم سبيل الله من الزكاة إلى قاصدي الحج والعمرة. اهـ (٤).

* * *

وقال المباركفوري في معرض كلامه عن المراد بقوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} (٥) وقيل المراد منه منقطع الحاج، وبه قال محمد، وروي عن أحمد وإسحاق أن الحج أيضا في سبيل الله يعني أن الحج من جملة السبل مع الغزو؛ لأنه طريق بر، إلى أن قال:


(١) مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٢١).
(٢) سنن أبو داود المناسك (١٩٨٨)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٤٠٦).
(٣) سنن أبو داود المناسك (١٩٨٩).
(٤) نيل الأوطار جـ ٤ ص ١٨٠ ـ ١٨١ الطبعة الثانية ١٣٧١.
(٥) سورة التوبة الآية ٦٠