للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال عبدان الأهوازي: كنا لا نصلي خلف هدبة بن خالد من طول صلاته، يسبح في الركوع والسجود نيفا وثلاثين تسبيحة، وكان من أشبه خلق الله بهشام بن عمار لحيته ووجهه، وكل شيء حتى في صلاته.

قلت: أما قول الإمام فيه: طياش ; فلأنه بلغه عنه أنه قال في خطبته: الحمد لله الذي تجلى لخلقه بخلقه ; فهذه الكلمة لا ينبغي إطلاقها، وإن كان لها معنى صحيح، لكن يحتج بها الحلولي والاتحادي. وما بلغنا أنه - سبحانه وتعالى - تجلى لشيء إلا بجبل الطور، فصيره دكا. وفي تجليه لنبينا - صلى الله عليه وسلم - اختلاف أنكرته عائشة، وأثبته ابن عباس.

وبكل حال كلام الأقران بعضهم في بعض يحتمل، وطيه أولى من بثه إلا أن يتفق المتعاصرون على جرح شيخ، فيعتمد قولهم، والله أعلم.

وقد روى هشام غير حديث، عن ابن لهيعة في كتابه إليه. وحسبك قول أحمد بن أبي الحواري مع جلالته: إذا حدثت ببلد فيه مثل هشام بن عمار يجب للحيتي أن تحلق.

وقال أبو بكر المروذي في كتاب " القصص ": ورد علينا كتاب من دمشق: سل لنا أبا عبد الله، فإن هشاما، قال: لفظ جبريل - عليه السلام - ومحمد - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن مخلوق. فسألت أبا عبد الله، فقال: أعرفه طياشا، لم يجتر الكرابيسي أن يذكر جبريل ولا محمدا. هذا قد تجهم في كلام غير هذا.

قلت: كان الإمام أحمد يسد الكلام في هذا الباب، ولا يجوزه، وكذلك كان يبدع من يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق. ويضلل من يقول: لفظي بالقرآن قديم، ويكفر من يقول: القرآن مخلوق. بل يقول: القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، وينهى عن الخوض في مسألة اللفظ. ولا ريب أن تلفظنا بالقرآن من كسبنا، والقرآن الملفوظ المتلو كلام الله - تعالى - غير مخلوق، والتلاوة والتلفظ والكتابة والصوت به من أفعالنا، وهي مخلوقة، والله أعلم.