ذكرنا أن المحارب هو المكابر المخيف لأهل الطريق المفسد في سبيل الأرض سواء بسلاح أو بلا سلاح أصلا، سواء ليلا أو نهارا، في مصر أو في فلاة، أو في قصر الخليفة أو الجامع، سواء قدموا على أنفسهم إماما أو لم يقدموا سوى الخليفة نفسه فعل ذلك بجنده أو غيره، منقطعين في الصحراء أو أهل قرية سكانا في دورهم، أو أهل حصن كذلك أو أهل مدينة عظيمة أو غير عظيمة، كذلك واحد أكان أو أكثر، كل من حارب المار، وأخاف السبيل بقتل نفس أو أخذ مال أو لجراحة أو لانتهاك فرج فهو محارب عليه وعليهم - كثروا أو قلوا - حكم المحاربين المنصوص في الآية؛ لأن الله تعالى لم يخص شيئا من هذه الوجوه إذ عهد إلينا بحكم المحاربين {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}(١)، ونحن نشهد بشهادة الله تعالى أن الله سبحانه لو أراد أن يخص بعض هذه الوجوه لما أغفل شيئا من ذلك. ولا نسيه ولا أعنتنا بتعمد ترك ذكره حتى يبنيه لنا غيره بالتكهن والظن الكاذب. . .) إلى أن قال:
(المحارب يقتل):
مسألة (هل لولي المقتول في ذلك حكم أم لا؟ قال أبو محمد - رحمه الله -: نا حمام، نا ابن مفرج، نا الحسن بن سعد، نا الديري، نا عبد الرزاق، عن ابن جريج، أخبر في عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: إن في كتاب لعمر بن الخطاب: والسلطان ولي من حارب الدين وإن قتل أباه أو أخاه فليس إلى طالب الدم من أمر من حارب الدين وسعى في الأرض فسادا شيء، وقال ابن جريج: وقال لي سليمان بن موسى مثل هذا سواء سواء حرفا حرفا، وبه إلى عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري قال: عقوبة المحارب إلى السلطان لا تجوز عقوبة ولي الدم ذلك إلى الإمام، قال: وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وأبي سليمان وأصحابهم.
قال أبو محمد - رحمه الله -: وبهذا نقول؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الخبرين اللذين رويناهما من طريق ابن عباس ذكرناهما في كتاب الحج، وكتاب الصيام، وباب وجوب قضاء الحج الواجب، وقضاء الصيام الواجب عن الميت «اقضوا الله فهو أحق بالوفاء،