للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن طاهر: وسمعت أبا إسماعيل يقول: كتاب أبي عيسى الترمذي عندي أفيد من كتاب البخاري ومسلم. قلت: ولم؟ قال: لأنهما لا يصل إلى الفائدة منهما إلا من يكون من أهل المعرفة التامة، وهذا كتاب قد شرح أحاديثه، وبينها، فيصل إلى فائدته كل فقيه وكل محدث.

قال أبو سعد السمعاني: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن عبد الله بن محمد الأنصاري، فقال: إمام حافظ.

وقال عبد الغافر بن إسماعيل: كان أبو إسماعيل الأنصاري على حظ تام من معرفة العربية والحديث والتواريخ والأنساب، إماما كاملا في التفسير، حسن السيرة في التصوف، غير مشتغل بكسب، مكتفيا بما يباسط به المريدين والأتباع من أهل مجلسه في العام مرة أو مرتين على رأس الملأ، فيحصل على ألوف من الدنانير وأعداد من الثياب والحلي، فيأخذها، ويفرقها على اللحام والخباز، وينفق منها، ولا يأخذ من السلطان ولا من أركان الدولة شيئا، وقلما يراعيهم ولا يدخل عليهم، ولا يبالي بهم، فبقي عزيزا مقبولا قبولا أتم من الملك، مطاع الأمر نحوا من ستين سنة من غير مزاحمة، وكان إذا حضر المجلس لبس الثياب الفاخرة، وركب الدواب الثمينة، ويقول: إنما أفعل هذا إعزازا للدين، ورغما لأعدائه، حتى ينظروا إلى عزي وتجملي، فيرغبوا في الإسلام. ثم إذا انصرف إلى بيته ; عاد إلى المرقعة والقعود مع الصوفية في الخانقاه يأكل معهم، ولا يتميز بحال، وعنه أخذ أهل هراة التبكير بالفجر، وتسمية الأولاد غالبا بعبد المضاف إلى أسماء الله - تعالى -.

قال أبو سعد السمعاني: كان أبو إسماعيل مظهرا للسنة، داعيا إليها، محرضا عليها، وكان مكتفيا بما يباسط به المريدين، ما كان يأخذ من الظلمة شيئا، وما كان يتعدى إطلاق ما ورد في الظواهر من الكتاب والسنة، معتقدا ما صح، غير مصرح بما يقتضيه تشبيه، وقال مرة: من لم ير مجلسي وتذكيري، وطعن في، فهو مني في حل.