للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقريب سرق مال القريب وغير القريب من بيت القريب، وإذا سقط الحد صار القتل إلى الأولياء إن شاءوا عفوا وإن شاءوا اقتصوا، ويجري الحال في المال على ما ذكر من قريب، ولو لم يقع القتل والأخذ إلا في المستأمنين لا حد عليهم، ولكن يضمنون أموال المستأمنين لثبوت عصمة أموالهم للحال، وإن لم يكن معصوما على التأييد، والله تعالى أعلم.

قوله: (وإذا قطع بعض القافلة الطريق على البعض لم يجب الحد لأن الحرز واحد)، وهو القافلة فصار كسارق سرق متاع غيره وهو معه في دار واحدة؛ فلا يجب الحد، وإذا لم يجب الحد وجب القصاص في النفس إن قتل عمدا بحديدة أو بمثقل عندهما، ورد المال إن أخذه وهو قائم، وضمانه إن هلك أو استهلكه.

قوله: (ومن قطع الطريق ليلا أو نهارا في المصر أو بين الكوفة والحيرة)، وهي منزل النعمان بن المنذر قريب من الكوفة بحيث يتصل عمران إحداهما بالأخرى فليس بقاطع الطريق استحسانا، وكذا بين القريتين، وحد بعضهم مكان القطع أن يكون في قرية بينهما وبين المصر مسيرة سفر في ظاهر الرواية، وفي القياس أن يكون قاطعا، وهو قول الشافعي، فإن في وجيزهم من أخذ في البلد مالا مغالبة فهو قاطع طريق.

وعن أبي يوسف أنه إذا كان خارج المصر ولو بقرب منه يجب الحد؛ لأنه لا يلحقه الغوث؛ لأنه محارب بل مجاهرته هنا أغلظ من مجاهرته في المفازة، ولا تفصيل في النص في مكان القطع.

وعن مالك: كل من أخذ المال في وجه لا يمكن لصاحبه الاستغاثة فهو محارب. وعنه: لا محاربة إلا على قدر ثلاثة أميال من العمران.

وتوقف أحمد مرة وأكثر أصحابه أن يكون بموضع لا يلحقه الغوث.

وعن أبي يوسف في رواية أخرى إن قصده بالسلاح نهارا في المصر فهو قاطع، وإن كان بغيره من الخشب ونحوه فليس بقاطع. وفي الليل يكون قاطعا بالخشب والحجر؛ لأن السلاح لا يلبث فيتحقق القطع قبل الغوث، والغوث يبطئ بالليل فيتحقق بلا سلاح.

وفي شرح الطحاوي: الفتوى على قول أبي يوسف. قال المصنف: ونحن نقول إن قطع الطريق يقطع المارة ولا يتحقق ذلك في المصر وما يقرب منه؛ لأن الظاهر لحوق الغوث، وأنت تعلم أن الحد المذكور في الآية لم ينط بمسمى قطع الطريق، وإنما هو اسم بين الناس، وإنما أنيط بمحاربة عباد الله على ما ذكرنا من تقدير المضاف، وذلك يتحقق في المصر وخارجه، ثم هذا الدليل المذكور لا يفيد تعيين مسيرة ثلاثة أيام بين المصر والقاطع. ولا شك في أن ليس لحوق الغوث في ذلك المقدار ظاهرا، وهو ما علل به الظاهر، وإذا قلنا: إنهم ليسوا قطاعا فسبيلهم أن يضربوا ويحبسوا، وإن