للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويعلنونها في الأذان وفي الخطب وفي الجمع والأعياد وفي مؤلفاتهم، ويرون أن محبته على النفس والأهل والمال والولد والناس أجمعين، وأن من آثار محبته حب سنته واتباعه والتأسي به، وأنه الواسطة بين الأمة وبين الله، فإنه الذي دعا إلى توحيد الله وعبادته وهدى الله الأمة على يديه، وأوجب الله على الأمة طاعته وقرنها بطاعة الله في أكثر من أربعين موضعا وأمرنا باتباعه، وعلق عليه الاهتداء ومحبة الله ومغفرته، فهو أمينة على وحيه وخيرته من خلقه وسفيره بينه وبين عباده، أمر الله الأمة أن يتقبلوا كل ما بلغه عن ربهم ويقنعوا بحكمه ويرضوا ويسلموا له تسليما، وأمرهم باحترامه في حياته بقوله: {لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} (١) ومدح الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله، ونهاهم عن دعائه باسمه العلم بقوله: {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} (٢) وأمر بتوقيره بقوله: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} (٣) فأئمة الدعوة الذين سماهم هذا الكاتب وهابية يعترفون للرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الحقوق وهذه الأوصاف ونحوها، ولكنهم لا يعطونه شيئا من حق الله، كالدعاء والخوف والرجاء والتوكل والاستعانة والإنابة والتعظيم، والركوع والسجود ونحوها، فكلها حقوق لله تعالى لا يصلح صرفها لغيره لا لملك مقرب ولا نبي مرسل، وأحب أن أنقل هنا أبياتا في تفصيل حق الله وحق رسوله صلى الله عليه وسلم من نونية ابن القيم، قال رحمه الله تعالى:

لله حق لا يكون لغيره ... ولعبده حق هما حقان

لا تجعلوا الحقين حقا واحدا ... من غير تمييز ولا فرقان

فالحج للرحمن دون رسوله ... وكذا الصلاة وذبح ذي القربان

وكذا السجود ونذرنا ويميننا ... وكذا عتاب العبد من عصيان

وكذا التوكل والإنابة والتقى ... وكذا الرجاء وخشية الرحمن


(١) سورة الحجرات الآية ٢
(٢) سورة النور الآية ٦٣
(٣) سورة الفتح الآية ٩