للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم جاءت بما يبعد المسلم عن الوساوس ويخلصه من هذه الأوهام فإنه - صلى الله عليه وسلم - «شكا إليه الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فهل يقطع الصلاة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (١)» ففي هذا الحديث راحة للمسلم وطمأنينة لقلبه وتخليص له من هذه الوساوس، فإنه - صلى الله عليه وسلم - أرشده إلى قاعدة عظيمة وهي قاعدة البقاء على اليقين وأن اليقين لا يزول بالشك، وكما أن المسلم متيقن أنه على طهارة فليستصحب هذا اليقين حتى يأتي يقين مثله ولا تكون الشكوك والأوهام رافعة لهذا اليقين الجازم. فإذا توضأت فإنك باقية على وضوئك ما لم تحدثي، والنبي - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم مكة الصلوات الخمس بوضوء واحد، فالوضوء باق، والأصل لمن توضأ أنه باق على وضوئه ما لم يرتفع ذلك اليقين بيقين جازم مثله كأن يتيقن الحدث، ثم أيضا لازمي الاستعاذة بالله من الشيطان، فإن الاستعاذة بالله من عدو الله تعين المؤمن على التغلب على وساوسه والتخلص من أوهامه، وما يزال المسلم يداوم الاستعاذة حتى يدفع الله كيد الشيطان عنه، والله جل وعلا يقول: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (٢) {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (٣)، فكلما قوي الإيمان والتوكل على الله قلت وساوس الشيطان وضعفت، ونسأل الله للجميع التوفيق والهداية.


(١) صحيح البخاري الوضوء (١٣٧)، صحيح مسلم الحيض (٣٦١)، سنن الترمذي الطهارة (٧٥)، سنن النسائي الطهارة (١٦٠)، سنن أبي داود الطهارة (١٧٦).
(٢) سورة النحل الآية ٩٨
(٣) سورة النحل الآية ٩٩