للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واضح في أنها تجمع بين نوعي الربا ربا الفضل وربا النسيئة، حيث يأخذ المودع زيادة على ما دفع مع التأخر وبالرغم من تحقق معنى الربا فيما يعطيه المصرف للمودعين ووضوحه ووضوح تحريمه من نصوص الشريعة الإسلامية وقواعدها، عرض لجماعة من المعاصرين شبهة في ذلك جعلتهم يعتقدون الجواز فيما يدفعه المصرف للمودعين زيادة على رءوس أموالهم، بناء على أن المصرف استقبل ما يدفع إليه من الأموال وأخذها للتنمية والإنتاج لا لدفع كربة أو تفريج شدة من تسديد ديون أو استهلاك في كسوة أو قوت أو نحو ذلك من ضرورات الحياة حتى تكون محرمة، وبناء على زعمهم أن مقاصد الشريعة تقضي بتحريم الربا فيما أخذ للاستهلاك فقط وأن هذا هو ربا الجاهلية الذي وردت النصوص بتحريمه دون ربا التنمية والإنتاج.

وقد ذكر الأستاذ الدكتور محمد عبد الله العربي تلك الشبهة وأجاب عنها بما نصه: قال بعض المعاصرين - هنا وفي بلاد إسلامية أخرى - إن الربا الذي حرمه الإسلام هو ما اتصل بقروض استهلاكية، يقترضها ذوو الحاجة الملحة ويؤدون عنها رأس مالها ثم الربا المضاف إليها، أما القروض الإنتاجية التي يقترضها الموسرون ويوظفونها في مشروعات إنتاجية تدر عليهم ربحا وفيرا فإن الفائدة التي يؤدونها عن رأس المال الذي اقترضوه ليست بالربا المحرم.

ونرد عليهم بأن تسمية الربا بالفائدة لا يغير طبيعته، فالفائدة لست إلا زيادة في رأس المال المقرض، وكل زيادة عنه هي ربا لغة وشرعا.

وأكبر حجة ساقوها على هذا الرأي هو أن الربا الذي حرمه القرآن هو ما كان سائدا في الجاهلية قبل بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأن العصر الجاهلي لم يكن أهله على علم بالقروض الإنتاجية وأثرها في النشاط الاقتصادي الحديث.

ونسوا أن القرآن خاتم الهدايات الإلهية لم يكن ليشرع لعصر معين بل تشريعه يمتد إلى أبد الدهر، ولم يكن ليغيب عن علم الله - سبحانه وتعالى - ما سوف يتمخض عنه اقتصاد هذا العصر - أو أي عصر - من اعتماد القروض الإنتاجية، والزعم بضرورة ترتيب فائدة عليها حتى لا تنقطع ونسوا قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} (١).


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٩