وجود مظنة العلم [فإن قامت الحجة على جاهل هذه الأمور؛ سواء الجاهل بها حيثما تتوفر مظنة العلم " الآثم الغير معذور"، أما الجاهل بها حيث لا تتوفر مظنة العلم "المعذور الغير الآثم " كدار الحرب أو الناشئ في بادية بعيدا عن المسلمين مثلا فأنكر أيا منها بعد بيان الحجة والإعلام بالدليل، كان كافرا بلا خلاف. والمدار في كفر منكرها بعد العلم بها هو أن منكرها إنما ينكر ما ثبت بصورة قطعية وقطعي الثبوت وقطعي الدلالة، والقواعد القطعية في أصول الشريعة التي ثبتت قطعيتها بالنص أو بالاستقراء الكلي للنصوص، وكل ما هو في مقام القطعية مثلها، كالمعلوم من الدين بالضرورة من مسائل الفروع مثل تحريم الخمر والزنا، ووجوب الصوم والحج والزكاة، هو الذي يكفر منكره بلا خلاف. . .
قال ابن القيم: ومن جحد فرضا من فروض الإسلام أو تحريم محرم من محرماته، أو صفة وصف الله بها نفسه أو خبرا أخبر الله به. . . جهلا أو تأويلا يعذر فيه صاحبه فلا يكفر صاحبه به. . . وقال ابن تيمية بعدم تكفير المعين إلا بعد إقامة الحجة عليه. أما من أنكر أمرا مما ذكر فيعتبر كفرا، إلا في حالة عدم وجود مظنة العلم فيعذر الجاهل في هذه الأمور، لأنها تحتاج كلها إلى الإبلاغ بشرع فتقام الحجة أولا بالشكل الواضح القاطع، فإذا أنكر بعدها كفر. . .