للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد يموت إلا ندم، قالوا: وما ندامته يا رسول الله؟ قال: إن كان محسنا ندم ألا يكون ازداد، وإن كان مسيئا ندم ألا يكون نزع (١)»، فإذا كان المحسن يندم على ترك الزيادة من العمل الصالح، فكيف يكون حال المسيئ؟ وكان السلف رحمهم الله لا يفرحون بمرور الأيام والليالي، يقول أبو الدرداء: (إنما أنت أيام، كلما مضى منك يوم مضى بعضك)، وقال بعضهم: (كل يوم يعيش فيه المؤمن غنيمة)، ولذا كانوا يتأسفون عند موتهم على انقطاع أعمالهم الصالحة بالموت، بكى معاذ - رضي الله عنه - عند موته وقال: (اللهم إني لم أحب البقاء في الدنيا لا لغرس الأشجار، ولا لجري الأنهار، إنما أبكي لظمأ الهواجر وقيام الليالي المظلمة، ومزاحمة العلماء بالركب، ومجالسة أناس ينتقون أطايب الكلام، كما ينتقى أطايب الثمر)، وقال أحد الصالحين عند موته: (إنما أبكي على أن يصلي المصلون ولست فيهم، وأن يصوم الصائمون ولست فيهم، ويذكر الذاكرون ولست فيهم) (٢).

فما أعظم الانتكاسة بعد الطاعة، وما أقبح العود إلى الغفلة بعد الذكرى والموعظة، كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: «اللهم


(١) رواه الترمذي في سننه- كتاب الزهد- باب رقم٥٨، ٤/ ٥٢٢ برقم ٢٤٠٤.
(٢) ينظر لما سبق: لطائف المعارف٥١٩.