للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالداعي إلى الله مبشر غير منفر، وميسر وليس بمعسر، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} (١) {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} (٢). وفي هذا المعنى يؤكد -صلى الله عليه وسلم- على أمته بقوله «بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا (٣)»؛ لأن الكلمة إذا صدرت من القلب دخلت القلب، وإذا صدرت من اللسان لم تتجاوز الآذان، فيوجه الله جل وعلا حامل لواء الدعوة نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم -وأمته له تبع- إلى حسن الخلق في الدعوة، حتى يقترب الناس منه، ويصغوا إلى ما يدعوهم إليه، فيقول سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (٤). ويقول الله تعالى لموسى وهارون -عليهما السلام- لما بعثهما إلى فرعون الطاغية، الذي استكبر وتجبر، ودعا الناس إلى اعتباره إلها يعبد من دون الله: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (٥).

ولما كان الخوف ممن هو أقدر من الإنسان، وأمكن في القوة المادية من السمات البشرية، فقد أظهر ذلك موسى وهارون -عليهما السلام- لربهما، وهو سبحانه أعلم بذلك منهما في قولهما: {قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى} (٦) فأزال عنهما ما كان يراودهما من ذلك الخوف، في ذلك الحوار القرآني البليغ؛


(١) سورة الشرح الآية ٥
(٢) سورة الشرح الآية ٦
(٣) أخرجه مسلم في الجهاد، وينظر جامع الأصول٢/ ٥٩٦.
(٤) سورة آل عمران الآية ١٥٩
(٥) سورة طه الآية ٤٤
(٦) سورة طه الآية ٤٥