للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأنزل الله هذه الآية (١)».

في هذه الآية نادى ربنا عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بوصفه الشريف: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ} (٢) ثم أمره بتبليغ ما أنزل إليه، فكان نداؤه بهذا الوصف في غاية المناسبة، حيث اصطفاه الله عز وجل وشرفه وأعلى قدره، وحمله تبليغ هذا الدين ودعوة الناس إليه، معتصما به سبحانه، واثقا بنصره وإعانته، معرضا عما سواه.

والمراد بقوله: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (٣) الديمومة في ذلك وألا يتوقف عند أي عارض، غير مراقب في ذلك أحدا، ولا خائف أن يناله مكروه أبدا.

قال ابن عاشور: وفي الإتيان بضمير المخاطب في قوله: {إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (٤) إيماء عظيم إلى تشريف الرسول صلى الله عليه وسلم بمرتبة الوساطة بين الله والناس، إذ جعل الإنزال إليه ولم يقل إليكم أو إليهم، كما قال في آية آل عمران: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} (٥)، وقوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (٦) وفي تعليق الإنزال بأنه من الرب تشريف للمنزل.


(١) ينظر: جامع البيان ٦/ ١٩٨، أسباب النزول للواحدي ٢٣٢، ٢٣٣، الدر المنثور ٣/ ١١٦، ١١٧.
(٢) سورة المائدة الآية ٦٧
(٣) سورة المائدة الآية ٦٧
(٤) سورة المائدة الآية ٦٧
(٥) سورة آل عمران الآية ١٩٩
(٦) سورة النحل الآية ٤٤