للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج: قد أجمع المسلمون قاطبة على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولا سيما خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم معصومون من الخطأ فيما يبلغونه عن الله عز وجل من أحكام، كما قال عز وجل: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} (١) {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} (٢) {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (٣) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (٤) {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} (٥) فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم معصوم في كل ما يبلغ عن الله من الشرائع قولا وعملا وتقريرا، هذا لا نزاع فيه بين أهل العلم.

وقد ذهب جمهور أهل العلم أيضا إلى أنه معصوم من المعاصي الكبائر دون الصغائر، وقد تقع منه الصغيرة، لكن لا يقر عليها بل ينبه عليها، فيتركها.

أما في أمور الدنيا فقد يقع الخطأ، ثم ينبه على ذلك، كما وقع من «النبي صلى الله عليه وسلم لما مر على جماعة يلقحون النخل، فقال: "ما أظنه يضره لو تركتموه". فلما تركوه صار شيصا، فأخبروه صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: "إنما قلت ذلك ظنا مني، وأنتم أعلم بأمر دنياكم، أما ما أخبركم به عن الله عز وجل فإني لن أكذب على الله (٦)» رواه مسلم في الصحيح، فبين عليه الصلاة والسلام أن الناس أعلم بأمور دنياهم، كيف يلقحون النخل، وكيف يغرسون، وكيف يبذرون ويحصدون، أما ما يخبر به الأنبياء عن الله سبحانه


(١) سورة النجم الآية ١
(٢) سورة النجم الآية ٢
(٣) سورة النجم الآية ٣
(٤) سورة النجم الآية ٤
(٥) سورة النجم الآية ٥
(٦) رواه الإمام أحمد في (مسند العشرة المبشرين بالجنة) مسند أبي محمد طلحة بن عبيد الله برقم (١٣٩٨)، ومسلم في (الفضائل) باب وجوب امتثال ما قاله شرعا برقم (٢٣٦١).