للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع أن هذا في شأن القبلة، وهي فرد من جزئيات الديانة، فكيف بأصل العقيدة، فقد قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (١). فمتى تربى شخص منذ حداثته على أخلاق أو عقائد، ونشأ عليها وألفها، فإن تحويله عنها من الصعوبة بمكان، مهما بذلت له المحاولات، وأقيمت عليه البراهين، وأوضحت له الحجج التي تنير الحق، وتبين سفاهة من دان بتلك الأديان الباطلة، أو انتحل تلك النحل الزائغة، أو صدق بتلك العقائد المنحرفة: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (٢). فرجوع مثل هذا إلى الصواب مع رسوخ الباطل في ذهنه، شبه المستحيل إلا ما شاء الله. ولما كانت التربية في سن الطفولية لها هذا التأثير في تقويم الإنسان أو انحرافه، رأينا النصارى والرافضة ونحوهم من أعداء الإسلام والسنة يبذلون كل وسيلة، ويعملون كل حيلة في الحصول على ولاية وحضانة وتربية أطفال المسلمين، سيما الذين يفقدون آباءهم بموت أو قتل أو غيبة أو سجن مؤبد أو تشريد، كما هو حاصل في كثير من البلاد تاركين خلفهم أعدادا كثيرة من الأطفال والذراري، ممن لا يزالون في سن الطفولية، فبعد أن يغيب أو يموت الآباء، ويبقى أولئك الأطفال منقطعين، لا يجدون من يعولهم أو يرعى شئونهم من قريب أو نسيب، أو ذي رحم، أو مسلم يشفق على


(١) سورة البقرة الآية ١٢٠
(٢) سورة الحج الآية ٤٦