للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويكفي لطالب العلم والدعوة برهانا ودلالة وإيجازا هذه الآية العظيمة التي جمعت بين البر والتقوى، وعرفت أحدهما بالآخر، ودلت على المفردات والأصول لهاتين الكلمتين العظيمتين، إنها قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (١).

فالبر كما ترى شمل الدين كله، بعقائده وأحكامه، وأصوله وفروعه، وسلوكياته وعباداته، حقائق وشرائع، وقلوبا وجوارح. فمن حقق ذلك على وجهه فهو الصادق المتقي. ولكنه لا يتحقق على وجه إلا بالتعاون؛ ذلك أن التعاون عليهما - البر والتقوى - يكسب محبة تحصيلهما، ومن ثم يصير تحصيلهما رغبة للجميع. وفي التعاون تيسير العمل، وتحقيق المصالح وتوفيرها، وإظهار الاتحاد والتناصر، حتى يصبح ذلك خلقا للأمة (٢).

استعراض تفصيلي لميادين التعاون:

لقد أقام الإسلام التعاون بين المسلمين على أساس محكم، ومد له في كل ناحية من نواحي الحياة بسبب. فالتمثيل القرآني


(١) سورة البقرة الآية ١٧٧
(٢) التحرير والتنوير ج (٦) ص (٨٧، ٨٨).