للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعين أحد العوضين كان بيع دين بدين وهو غير جائز.

ولنا: أنهما تقابضا في المجلس فصح، كما لو كانا حاضرين، والحديث يراد به أن لا يباع عاجل بآجل، أو مقبوض بغير مقبوض؛ بدليل ما لو عين أحدهما فإنه يصح، وإن كان الآخر غائبا والقبض في المجلس جرى مجرى القبض حالة العقد، ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم: «عينا بعين، يدا بيد (١)»، والقبض يجري في المجلس كذا التعين.

فإذا ثبت هذا فلا بد من تعيينهما بالتقابض في المجلس، ومتى تقابضا فوجد أحدهما بما قبضة عيبا قبل التفرق فله المطالبة بالبدل، سواء كان العيب من جنسه أو من غير جنسه؛ لأن العقد وقع على مطلق لا عيب فيه، فله المطالبة بما وقع عليه العقد كالمسلم فيه، وإن رضيه بعيبه والعيب من جنسه جاز، كما لو رضي بالمسلم فيه معيبا، وإن اختار أخذ الأرش فإن كان العوضان من جنس واحد لم يجز؛ لإفضائه إلى التفاضل فيما يشترط فيه التماثل، وإن كانا من جنسين جاز، فأما إن تقابضا وافترقا ثم وجد العيب من جنسه، فله إبداله في إحدى الروايتين، اختارها الخلال والخرقي، وروي ذلك عن الحسن وقتادة، فقد قال أبو يوسف ومحمد وهو أحد قولي الشافعي: لأن ما جاز إبداله قبل التفرق جاز بعده كالمسلم فيه.

والرواية الثانية: ليس له ذلك، وهو قول أبي بكر، ومذهب أبي حنيفة، والقول الثاني للشافعي؛ لأنه يقبضه بعد التفرق، ولا


(١) صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٧)، سنن الترمذي البيوع (١٢٤٠)، سنن النسائي كتاب البيوع (٤٥٦٣)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٤٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٤)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣١٤)، سنن الدارمي كتاب البيوع (٢٥٧٩).