للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بينهما؛ لما روى مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا ربا بين المسلمين وأهل الحرب في دار الحرب»، ولأن أموالهم مباحة، وإنما حظرها الأمان في دار الإسلام فما لم يكن كذلك كان مباحا.

ولنا: قول الله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} (١)، وقوله: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (٢)، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} (٣)، وعموم الأخبار يقتضي تحريم التفاضل.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «من زاد أو ازداد فقد أربى (٤)» عام، وكذلك سائر الأحاديث، ولأن ما كان محرما في دار الإسلام كان محرما في دار الحرب كالربا بين المسلمين، وخبرهم مرسل لا نعرف صحته، ويحتمل أنه أراد النهي عن ذلك، ولا يجوز ترك ما ورد بتحريمه القرآن وتظاهرت به السنة، وانعقد الإجماع على تحريمه بخبر مجهول لم يرد في صحيح ولا مسند ولا كتاب موثوق به، وهو مع ذلك مرسل محتمل.

ويحتمل أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ربا (٥)» النهي عن الربا كقوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (٦)، وما ذكروه من الإباحة منتقض بالحربي إذا دخل دار الإسلام فإن ماله


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٢) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٣) سورة البقرة الآية ٢٧٨
(٤) صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٧)، سنن الترمذي البيوع (١٢٤٠)، سنن النسائي كتاب البيوع (٤٥٦٣)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٤٩)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣١٤)، سنن الدارمي كتاب البيوع (٢٥٧٩).
(٥) صحيح البخاري النكاح (٥١٠٩)، صحيح مسلم النكاح (١٤٠٨)، سنن الترمذي النكاح (١١٢٦)، سنن النسائي النكاح (٣٢٩١)، سنن أبو داود النكاح (٢٠٦٥)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٨٩)، موطأ مالك النكاح (١١٢٩)، سنن الدارمي النكاح (٢١٧٨).
(٦) سورة البقرة الآية ١٩٧