بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق المقصود به بل الغرض أن يكون معيارا لما يتعاملون به.
والدراهم والدنانير لا تقصد لنفسها، بل هي وسيلة إلى التعامل بها ولهذا كانت أثمانا- إلى أن قال- والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض لا بمادتها ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيف ما كانت) اهـ.
ففي قوله - رحمه الله -: والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض لا بمادتها ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيف ما كانت، في قوله هذا إشارة إلى أن الثمن هو ما يلقى قبولا عاما كوسيط للتبادل على أي صورة كان ومن أي مادة اتخذ، وعلى هذا فإن من الأثمان الذهب والفضة والفلوس والأوراق النقدية. وحيث إن صحة الصرف تستلزم تحقق شرطين في حال اتحاد الجنس بين العوضين هما التماثل والتقابض في مجلس العقد. وفي حال اختلاف العوضين جنسا فتصح المصارفة بشرط التقابض في مجلس العقد، والأصل في ذلك أحاديث أبي سعيد الخدري وعبادة بن الصامت وغيرهما: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد (١)».
هذا الحكم في الصرف يقتضي منا البحث في الأثمان من حيث الجنس.
(١) صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٧)، سنن الترمذي البيوع (١٢٤٠)، سنن النسائي البيوع (٤٥٦١)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٤٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٤)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣١٤)، سنن الدارمي كتاب البيوع (٢٥٧٩).