للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب (١)».

ولن تجتمع قلوب هذه الأمة إلا على التوحيد، وإذا اختل التوحيد فكل له معبود، وكل له هدف، وعندها تتعدد الأودية والشعاب، وكل سيسلك واديا يهلك فيه، إلا من عصم الله بالبقاء على التوحيد.

ولن تستقر النفوس إلا بالتوحيد: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (٢)، ويقول تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (٣) هذا في الدنيا، أما في الآخرة فكل الذنوب وعد الله سبحانه وتعالى، بمغفرتها، إلا الشرك، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} (٤).

يقول ابن قيم الجوزية، في (مدارج السالكين): (وكلما كان توحيد العبد أعظم كانت مغفرة الله له أتم، فمن لقيه لا يشرك به شيئا ألبتة؛ غفر له ذنوبه كلها، كائنة ما كانت، ولم يعذب بها) (٥).

ويقول أيضا رحمه الله تعالى في زاد المعاد: (ولما كان المشرك خبيث


(١) صحيح البخاري المطبوع مع فتح الباري، جـ ص ١٢٦ حديث رقم ٥٢.
(٢) سورة الرعد الآية ٢٨
(٣) سورة الزمر الآية ٢٩
(٤) سورة النساء الآية ٤٨
(٥) عبد المنعم العزي، تهذيب مدارج السالكين لابن قيم الجوزية، ص ١٨٦.