للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من قبلها فقط، وأجاب عنه بأن الأمر ليس كما ظن، فإن سوء عشرتها يقتضي كراهيته إياها وذلك يقتضي الخوف ألا يقيما حدود الله.

رابعا: اتفق العلماء على بعث حكمين إذا وقع الشقاق بين الزوجين ولم يعلم الناشز منهما أو كان كل منهما ناشزا فأبى الزوج أن يمسك بمعروف أو يسرح بإحسان وأبت الزوجة أن تؤدي الحقوق التي ألزمها الله عز وجل بها لزوجها، واتفقوا على أن أحد الحكمين يكون من أهل الزوج والآخر من أهلها إن أمكن وإلا فمن غيرهما حسب ما تقتضيه المصلحة، واتفقوا على أن الحكمين ينفذ ما رأياه في الصلح بينهما وعلى أنهما إذا اختلفا لم ينفذ قولهما، واختلفوا بعد ذلك في مسائل:

الأولى: اختلافهم في المخاطب ببعث الحكمين في قوله تعالى {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} (١) فقيل السلطان أو نائبه لأنه هو الذي إليه الفصل في الخصومات والأخذ على يد الظالم، وقيل المخطاب بذلك الزوجان، لأن الشأن شأنهما، وكل منهما أدرى بمن يحرص على استيفاء حقه والدفاع عنه، وقيل أولياء الزوجين، ويمكن أن يقال: إن الأمر ببعث الحكمين مطلق فإن قام به الزوجان فبها، وإلا بعث أولياؤهما من يقوم بالواجب، فإن لم يتم البعث من قبل أوليائهما تعين على السلطان أو نائبه بعثهما.

الثانية: اختلافهم في الحكمين، هل هما وكيلان أو بمنزلة القضاة. فقيل: هما وكيلان ينفذ قولهما فيما وكلا فيه فقط، لأن الطلاق بيد الزوج لا يملكه غيره إلا بتوكيل منه ولأن التعويض عن الطلاق لا يكون إلا برضا الزوجة وطيب نفسها، ولحديث علي، وفيه " فقال الرجل: أما الفرقة فلا فقال علي: والله لا تنقلب حتى تقر بمثل ما أقرت به المرأة " فاعتبر بذلك إذنه كما أذنت، وقيل هما حاكمان فينفذ قولهما إذ هما بمنزلة السلطان، والسلطان يطلق بالضرر إذا تبين كما في مسالة العنين، ولحديث علي فإنه قال للحكمين: هل تدريان ما عليكما، إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما. ولتسمية الله المبعوثين حكمين، والحكم كالقاضي ينفذ ما حكم به من جمع أو تفريق بعوض أو بغير عوض رضي الزوجان بذلك أم كرها.

وقال بعض العلماء إذا بعث السلطان أو نائبه حكمين فليس لهما إلا النظر لمعرفة المسيء منهما والنصح لهما والإصلاح بينهما، فإن تم الصلح فبها، وإلا رفعا الأمر للسلطان أو نائبه، وكانا بمنزلة الشاهدين، أما الحكم فإلى السلطان أو نائبه دونهما.

الثالثة: هل الخلع طلاق أو فسخ، وهل ينفذ طلاق الحكمين إذا طلقا ثلاثا دون تفويض في ذلك من الزوج، وهل للزوج الرجعة بعد الخلع ما دامت المخالعة في العدة، وهل يجوز الخلع دون السلطان أو لا يكون إلا عن طريقه، وهل الخلع خاص بين الزوجين أو عام فيها وفي غيرها؟ في كل هذه المسائل خلاف.

خامسا: اختلف العلماء في مقدار ما يؤخذ من العوض في الخلع فقيل: لا يأخذ الزوج أكثر مما أعطاها لقوله - صلى الله عليه وسلم - لمن أرادت فراق زوجها " تردين


(١) سورة النساء الآية ٣٥