الْفَصْلُ الثَّانِي
٦١٥٢ - عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حِجَّتِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ يَخْطُبُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ " إِنِّي تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَّهِ، وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
٦١٥٢ - (عَنْ جَابِرٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حِجَّتِهِ. أَيْ حِجَّةِ الْوَدَاعِ (يَوْمَ عَرَفَةَ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ) : بِفَتْحِ الْقَافِ مَمْدُودًا وَيُقْصَرُ، قِيلَ: سُمِّيَتْ قَصْوَاءُ لَا لِأَنَّهَا مَجْدُوعَةُ الْأُذُنُ، بَلْ لِأَنَّ الْقَصْوَاءَ لَقَبٌ لَهَا (يَخْطُبُ) : حَالٌ (فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا ") : مَوْصُولَةٌ صِلَتُهَا (" إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ ") ، أَيْ: تَمَسَّكْتُمْ بِهِ عِلْمًا وَعَمَلًا (" لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ ") ، أَيْ: بَعْدَ أَخْذِ ذَلِكَ الشَّيْءِ (" كِتَابَ اللَّهِ ") بِالنَّصْبِ، بَيَانُ مَا فِي (مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ، أَوْ بَدَلٌ أَوْ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي، وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ؛ أَيْ هُوَ كِتَابُ اللَّهِ (" وَعِتْرَتِي ") : فِي مَحَلِّ نَصْبٍ أَوْ رَفْعٍ، وَقَوْلُهُ: (" أَهْلَ بَيْتِي ") . مُعْرَبٌ مِنْ وَجْهَيْنِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: عِتْرَةُ الرَّجُلِ أَهْلُ بَيْتِهِ وَرَهْطُهُ الْأَدْنَوْنَ، وَلِاسْتِعْمَالِهِمُ الْعِتْرَةَ عَلَى أَنْحَاءٍ كَثِيرَةٍ بَيَّنَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: أَهْلَ بَيْتِي، لِيُعْلَمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ نَسْلَهُ وَعِصَابَتَهُ الْأَدْنَيْنَ وَأَزْوَاجَهُ اهـ.
وَالْمُرَادُ بِالْأَخْذِ بِهِمُ التَّمَسُّكُ بِمَحَبَّتِهِمْ وَمُحَافَظَةُ حُرْمَتِهِمْ وَالْعَمَلُ بِرِوَايَتِهِمْ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَقَالَتِهِمْ، وَهُوَ لَا يُنَافِي أَخْذَ السُّنَّةِ مِنْ غَيْرِهِمْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ " وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: التَّمَسُّكُ بِالْكِتَابِ الْعَمَلُ بِمَا فِيهِ وَهُوَ الِائْتِمَارُ بِأَوَامِرِ اللَّهِ وَالِانْتِهَاءُ بِنَوَاهِيهِ، وَمَعْنَى التَّمَسُّكِ بِالْعِتْرَةِ مَحَبَّتُهُمْ وَالِاهْتِدَاءُ بِهَدْيِهِمْ وَسِيرَتِهِمْ. زَادَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: إِذَا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِلدِّينِ. قُلْتُ: بِإِطْلَاقِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِشْعَارٌ بِأَنَّ مَنْ يَكُونُ مِنْ عِتْرَتِهِ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَكُونُ هَدْيُهُ سِيرَتُهُ إِلَّا مُطَابِقًا لِلشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute