٥٧٢٣ - وَعَنْهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعَنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبَيْهِ بِأُصْبُعَيْهِ حِينَ يُولَدُ، غَيْرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَهَبَ يَطْعَنُ فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٥٧٢٣ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّ بَنِي آدَمَ ") : فِيهِ تَغْلِيبُ الذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ أَيْ كُلُّ أَوْلَادِ آدَمَ (" يَطْعَنُ الشَّيْطَانُ ") : بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَيُضَمُّ مِنْ طَعَنَهُ بِالرُّمْحِ كَمَنَعَهُ وَنَصَرَهُ طَعْنًا ضَرَبَهُ وَزَجَرَهُ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَسُّ لِمَا فِي رِوَايَةٍ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَمَسُّهُ وَيُصِيبُهُ (فِي جَنْبَيْهِ بِأُصْبُعَيْهِ) أَيْ: السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفِي التَّثْنِيَةِ إِشْعَارٌ بِكَمَالِ الْعَدَاوَةِ، وَإِيمَاءٌ إِلَى قَصْدِ إِضْلَالِهِ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، (حِينَ يُولَدُ) ، أَيْ أَوَّلَ زَمَنِ وِلَادَتِهِمْ، وَالْإِفْرَادُ بِاعْتِبَارِ لَفْظِ كُلُّ (غَيْرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) أَيْ: لِدَعْوَةِ حَنَّةَ جَدَّتِهِ فِي حَقِّ أُمِّهِ بِقَوْلِهَا: {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: ٣٦] (ذَهَبَ) أَيْ: أَرَادَ الشَّيْطَانُ وَشَرَعَ وَطَفِقَ (يَطْعَنُ) أَيْ: فِي جَنْبَيْ عِيسَى (فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ) . أَيْ: فَأَوْقَعَ الطَّعْنَ فِي الْمَشِيمَةِ وَهِي مَا فِيهِ الْوَلَدُ فَلَمْ يَتَأَثَّرْ مِنْ مَسِّهِ عِيسَى. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَسَّ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ» عَلَى الْحَقِيقَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَسْوَسَةِ. قُلْتُ: وَتَمَامُ الْحَدِيثِ: «حِينَ يُولَدُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ غَيْرَ مَرْيَمَ وَابْنِهَا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ» ، فَكَأَنَّ الرَّاوِيَ اقْتَصَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ذِكْرِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ فِي الْمَرَامِ، أَوْ خُصَّ بِعِيسَى نَظَرًا إِلَى بَعْضِ الْقُيُودِ فِي الْكَلَامِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَأَسْنَدَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الْجَامِعِ إِلَى الْبُخَارِيِّ، وَقَالَ: لَفَظُ مُسْلِمٍ: " «كُلُّ بَنِي آدَمَ يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا» ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute