٥٦٢٦ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ. فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ؟ فَيَقُولُ: أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٥٦٢٦ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا» ) أَيْ: يَا رَبَّنَا (وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ) أَيْ: جِنْسُهُ أَوْ جَمِيعُ أَفْرَادِهِ (فِي يَدَيْكَ) : مُنْحَصِرٌ فِي قَبْضَةِ قُدْرَتِكَ وَإِرَادَتِكَ (فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ) ؟ أَيْ عَنْ رَبِّكُمْ (فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا نَرْضَى) الِاسْتِفْهَامُ لِلتَّقْرِيرِ، وَالْمَعْنَى أَيُّ شَيْءٍ مَانِعٌ لَنَا مِنْ أَنْ لَا نَرْضَى عَنْكَ (يَا رَبِّ) : يَا رَبِّي، وَالْقِيَاسُ يَا رَبَّنَا، فَكَأَنَّهُ أُفْرِدَ بِاعْتِبَارِ كُلِّ قَائِلٍ (وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ) : الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (فَيَقُولُ: أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) ؟ أَيْ مِنْ عَطَائِكُمْ هَذَا (فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ) ؟ أَيْ مِنْ عَطَائِكَ هَذَا (يَقُولُ: أُحِلُّ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ أُنْزِلُ (عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَيُضَمُّ، أَيْ دَوَامَ رِضْوَانِي، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الْعَطَاءِ دَوَامُ الرِّضَا، وَلِذَا قَالَ: (فَلَا أَسْخَطُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ لَا أَغْضَبُ (عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا) . ثُمَّ اللِّقَاءُ يَتَرَتَّبُ عَلَى الرِّضَا مِنَ الرَّبِّ الْمُتَفَرِّعِ عَلَى الرِّضَا مِنَ الْعَبْدِ لِلْقَضَاءِ - تَرْتِيبَ الْبَقَاءِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْفَنَاءِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ رِضْوَانَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ فَوْقَ إِدْخَالِهِ إِيَّاهُ الْجَنَّةَ.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْحَدِيثُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة: ٧٢] الْكَشَّافُ: إِنَّمَا أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ رِضَاهُ سَبَبُ كُلِّ فَوْزٍ وَسَعَادَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَنَالُونَ بِرِضَاهُ عَنْهُمْ تَعْظِيمَهُ وَكَرَامَتَهُ، وَالْكَرَامَةُ أَكْبَرُ أَضْعَافِ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ مَوْلَاهُ رَاضٍ عَنْهُ فَهُوَ أَكْبَرُ فِي نَفْسِهِ مِمَّا وَرَاءَهُ مِنَ النِّعَمِ، وَإِنَّمَا يَتَهَيَّأُ لَهُ بِرِضَاهُ، كَمَا يَنْتَقِصُ عَلَيْهِ بِسُخْطٍ وَلَمْ يَجِدْ لَهَا لَذَّةً وَإِنْ عَظُمَتْ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَأَكْبَرُ أَصْنَافِ الْكَرَامَةِ رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى. قُلْتُ: وَلَعَلَّ الرِّضْوَانَ أَكْبَرُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى تَحْصِيلِ اللِّقَاءِ وَسَائِرِ أَنْوَاعِ النَّعْمَاءِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute