٥٦١٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ مِنَ الْحُسْنِ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، لَا يَسْقَمُونُ، وَلَا يَبُولُونَ، وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَتْفُلُونَ، وَلَا يَتَمَخَّطُونَ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَوَقُودُ مَجَامِرِهِمُ الْأَلُوَّةُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ» "، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٥٦١٩ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ) بِضَمِّ الزَّايِ أَيْ أَوَّلَ جَمَاعَةٍ، وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ. كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمُ الْأَنْبِيَاءُ خَاصَّةً ( «يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ» ) ، وَلَعَلَّ دُخُولَهَا عَلَى صُورَةِ الشَّمْسِ مُخْتَصٌّ بِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى وَسَلَّمَ (ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) أَيْ: يَقْرُبُونَ تِلْكَ الزُّمْرَةَ فِي قُرْبِ الْمَرْتَبَةِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالشُّهَدَاءِ وَالصُّلَحَاءِ. (كَأَشَدِّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَأَشَدِّ (كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ) : وَهُوَ بِضَمِّ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَالْيَاءِ أَيْ: شَدِيدُ الْإِنَارَةِ، مَنْسُوبٌ إِلَى الدُّرِّ، وَتَقَدَّمَتْ لُغَاتٌ أُخَرُ مَعَ بَيَانِ مَبَانِيهَا وَمَعَانِيهَا ثُمَّ قَوْلُهُ: (إِضَاءَةً) ، تَمْيِيزٌ يُبَيِّنُ وَجْهَ الشَّبَهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَفْرَدَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ لِيُفِيدَ الِاسْتِغْرَاقَ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْكَوْكَبِ، يَعْنِي: إِذَا تَقَصَّيْتَ كَوْكَبًا كَوْكَبًا رَأَيْتَهُمْ كَأَشَدِّ إِضَاءَةٍ. (قُلُوبُهُمْ) أَيْ: قُلُوبُ أَهْلِ الْجَنَّةِ حِينَئِذٍ، أَوْ قُلُوبُ الزُّمْرَةِ الْأَخِيرَةِ، فَالْأَوْلَى بِالْأُولَى (عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ) ، أَيْ فِي الْإِنْفَاقِ وَالْمَحَبَّةِ، فَقَوْلُهُ: (لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: قُلُوبُهُمْ إِلَخْ. وَهَذَا الْمَعْنَى مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: ٤٧] (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ) أَيْ: عَظِيمَتَانِ (مِنَ الْحُورِ) : بِضَمِّ الْحَاءِ أَيِ النِّسَاءِ الْبَيْضِ الْأَبْدَانِ، مِنَ الْحَوَرِ وَهُوَ الْبَيَاضُ الْخَالِصُ، وَمِنْهُ الْحَوَارِيُّ وَالْحَوَارِيُّونَ. (الْعِينِ) ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ: حِسَانُ الْأَعْيَانِ (يُرَى) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُبْصَرُ (مُخُّ سُوقِهِنَّ) : جَمْعُ السَّاقِ، أَيْ مُخُّ عِظَامِهِنَّ (مِنْ وَرَاءِ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ) الْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ أَوِ التَّرْتِيبِ لِلتَّرَقِّي (مِنَ الْحُسْنِ) أَيْ مِنْ أَجْلِ لَطَافَةِ خِلْقَتِهِنَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute