للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

٥٠٢١ - عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَتَدْرُونَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؟ " قَالَ قَائِلٌ؟ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ. وَقَالَ قَائِلٌ الْجِهَادُ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الْفَصْلَ الْأَخِيرَ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

٥٠٢١ - (عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ: مِنَ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ (قَالَ) : اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ (أَتَدْرُونَ أَيُّ الْأَعْمَالِ) أَيْ: أَيُّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِهَا (أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ) أَيْ: أَفْضَلُ، وَأَمَّا مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الْأَفْضَلِيَّةَ، فَفِي هَذَا الْمَقَامِ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ، نَعَمْ يُتَصَوَّرُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَخْلُوقِ، لِأَنَّ وَلَدَهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ أَفْضَلُ، وَكَذَلِكَ عَلِيٌّ - رِضَى اللَّهِ عَنْهُ - أَحَبُّ إِلَى السَّيِّدِ السُّنِّيِّ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ أَفْضَلَ مِنَ الشَّيْخَيْنِ، وَكَذَا قَدْ تَكُونُ مُطَالَعَةُ عِلْمٍ أَوْ مُبَاشَرَةُ عَمَلٍ أَحَبُّ عِنْدَ أَحَدٍ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَفْضَلَ عِنْدَهُ أَيْضًا. (قَالَ قَائِلٌ: الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى " أَوْ " وَالتَّقْدِيرُ وَقَالَ قَائِلٌ الزَّكَاةُ (قَالَ) : وَفِي نُسْخَةٍ وَقَالَ (قَائِلٌ: الْجِهَادُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ) وَيُؤَيِّدُهُ غِبْطَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالشُّهَدَاءِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ كَوْنِهِ أَفْضَلَ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَعَمُودِهِ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ زَائِدٌ بَعْدَ حُصُولِ الْفَرَائِضِ، نَعَمْ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ نَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَعْدَ ارْتِكَابِ الْمَأْمُورَاتِ الشَّرْعِيَّةِ، وَاجْتِنَابِ الْمَحْظُورَاتِ الْمَنْهِيَّةِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ لِلَّهِ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ وَأَكْمَلُ الطَّاعَاتِ، فَعَلَيْكُمْ بِهِمَا. وَمِنَ الْوَاضِحِ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا أَفْضَلُ مِنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ بِمَعْنَى أَنَّهُمَا يُخْتَارَانِ عَلَيْهِمَا. أَوْ ثَوَابُهُمَا أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِهِمَا مُطْلَقًا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ إِدْخَالُ السُّرُورِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنِ الْحَكِيمِ بْنِ عُمَيْرٍ بِلَفْظِ: أَحُبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَنْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا مَنْ جُوعٍ أَوْ دَفَعَ عَنْهُ مَغْرَمًا أَوْ كَشَفَ عَنْهُ كَرْبًا اهـ. وَالْكُلُّ مِنْ بَابِ الْحُبِّ فِي اللَّهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعِبَادَةَ الْمُتَعَدِّيَةَ أَفْضَلُ مِنَ النَّوَافِلِ الْقَاصِرَةِ.

وَقَالَ الطِّيبِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَكُونُ الْحُبُّ فِي اللَّهِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْجِهَادِ؟ قُلْتُ: مَنْ أَحَبَّ فِي اللَّهِ يُحِبُّ أَنْبِيَاءَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ، وَمِنْ شَرْطِ مَحَبَّتِهِمْ أَنْ يَقْفُوَ أَثَرَهُمْ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَبْغَضَ فِي اللَّهِ أَبْغَضَ أَعْدَاءَهُ، وَبَذَلَ جُهْدَهُ فِي الْمُجَاهَدَةِ مَعَهُمْ بِالسِّنَانِ وَاللِّسَانِ اهـ. وَهُوَ جَوَابٌ غَيْرُ شَافٍ، كَمَا لَا يَخْفَى وَلَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَبْنَى وَالْمَعْنَى. (رَوَاهُ) أَيْ: مَجْمُوعَ الْحَدِيثِ (أَحْمَدُ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الْفَصْلَ الْأَخِيرَ) أَيْ: قَوْلَهُ: إِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَخْ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ بِلَفْظِ: " «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ» ".

<<  <  ج: ص:  >  >>