(أَوْصَلَ) أَيْ: أَكْثَرُ وَصْلَةً (لِلْمَوَدَّةِ) أَيْ: لِلْمَحَبَّةِ فِي الْأُخُوَّةِ. وَفِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ: أَوْصَلُ أَيْ: لِلْمَوَدَّةِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) وَكَذَا ابْنُ سَعْدٍ، وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْهُ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُ لِيَزِيدَ سَمَاعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ مُوَثَّقُونَ وَيَزِيدُ بْنُ نَعَامَةَ بِفَتْحِ النُّونِ أَبُو مَرْدُودٍ الضَّبِّيُّ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الصَّحَابَةِ، وَحُكِيَ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ لَهُ صُحْبَةً. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: شَهِدَ حُنَيْنًا مُشْرِكًا، ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدُ اهـ.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: لَا صُحْبَةَ لَهُ، وَسُئِلَ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ الْكَمَالِ الصَّوَابُ أَنَّهُ يُرْسِلُ وَهُوَ صَدُوقٌ، رَوَى عَنْ أَنَسٍ، وَرَوَى عَنْهُ أَبُو خَلْدَةَ وَسَلَامُ بْنُ مِسْكِينٍ نَقَلَهُ مِيرَكُ عَنِ التَّصْحِيحِ، وَخُلَاصَةُ الْخِلَافِ أَنَّ الصُّحْبَةَ السَّابِقَةَ عَلَى الْإِسْلَامِ هَلْ هِيَ مُعْتَدَّةٌ أَمْ لَا؟ وَالصَّحِيحُ الثَّانِي مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى جَوَازِ تَحَمُّلِ الْحَدِيثِ فِي حَالِ الْكُفْرِ وَتَأْدِيَتِهِ حَالَ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ صَحَّتْ لَهُ الصُّحْبَةُ وَالسَّمَاعُ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَإِنْ ثَبَتَتِ الصُّحْبَةُ وَلَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ فَالْحَدِيثُ مِنْ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِلَّا فَالْحَدِيثُ مِنْ مَرَاسِيلِ التَّابِعِيِّ وَهُوَ غَيْرُ مُضِرٍّ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَعَلَيْهِ مَذْهَبُنَا الْمَنْصُورُ، هَذَا وَقَدِ اعْتَضَدَ الْحَدِيثُ بِرِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ عَلَى مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ وَلَفْظُهُ: إِذَا أَحْبَبْتَ رَجُلًا فَاسْأَلْهُ عَنِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا حَفِظْتَهُ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا عُدْتَهُ، وَإِنْ مَاتَ شَهِدْتَهُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ كَالتَّفْسِيرِ لِلسَّابِقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَقَائِقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute