٤٤٣٩ - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ عَرْضِهَا وَطُولِهَا» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ــ
٤٤٣٩ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ عَرْضِهَا وَطُولِهَا» ) : بَدَلٌ بِإِعَادَةِ الْعَامِلِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «أَعْفُوا اللِّحَى» " ; لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ هُوَ قَصُّهَا كَفِعْلِ الْأَعَاجِمِ أَوْ جَعْلُهَا كَذَنَبِ الْحَمَامِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِعْفَاءِ التَّوْفِيرُ مِنْهَا كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَالْأَخْذُ مِنَ الْأَطْرَافِ قَلِيلًا لَا يَكُونُ مِنَ الْقَصِّ فِي شَيْءٍ اهـ. وَعَلَيْهِ سَائِرُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ مِنْ زَيْنِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِ، وَقُيِّدَ الْحَدِيثُ فِي شَرْحِ الشِّرْعَةِ بِقَوْلِهِ: إِذَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْقُبْضَةِ، وَجَعَلَهُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ نَفْسِ الْحَدِيثِ، وَزَادَ فِي الشِّرْعَةِ: وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْخَمِيسِ أَوِ الْجُمُعَةِ، وَلَا يَتْرُكُهُ مُدَّةً طَوِيلَةً.
وَفِي النِّهَايَةِ شَرْحُ الْهِدَايَةِ: وَاللِّحْيَةُ عِنْدَنَا طُولُهَا بِقَدْرِ الْقُبْضَةِ بِضَمِّ الْقَافِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ يَجِبُ قَطْعُهُ. رُوِيَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنَ اللِّحْيَةِ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا» . أَوْرَدَهُ أَبُو عِيسَى فِي جَامِعِهِ وَقَالَ: مِنْ سَعَادَةِ الرَّجُلِ خِفَّةُ لِحْيَتِهِ اهـ.
وَقَوْلُهُ: يَجِبُ بِمَعْنَى يَنْبَغِي، أَوِ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ قَرِيبَةٌ إِلَى الْوُجُوبِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ عَلَى إِطْلَاقِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: تَسْوِيَةُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ سُنَّةٌ وَهِيَ أَنْ يَقُصَّ كُلَّ شَعْرَةٍ أَطْوَلَ مِنْ غَيْرِهَا لِيَسْتَوِيَ جَمِيعُهَا. وَفِي الْإِحْيَاءِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا طَالَ مِنَ اللِّحْيَةِ، فَقِيلَ: إِنْ قَبَضَ الرَّجُلُ عَلَى لِحْيَتِهِ وَأَخَذَ مَا تَحْتَ الْقُبْضَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ، وَاسْتَحْسَنَهُ الشَّعْبِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَمَنْ تَبِعَهُمَا.
وَقَالُوا: تَرْكُهَا عَافِيَةٌ أَحَبُّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ( «أَعْفُوا اللِّحَى» ) . لَكِنَّ الظَّاهِرَ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، فَإِنَّ الطُّولَ الْمُفْرِطَ يُشَوِّهُ الْخِلْقَةَ، وَيُطْلِقُ أَلْسِنَةَ الْمُغْتَابِينَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، فَلَا بَأْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ. قَالَ النَّخَعِيُّ: عَجِبْتُ لِرَجُلٍ عَاقِلٍ طَوِيلِ اللِّحْيَةِ كَيْفَ لَا يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ فَيَجْعَلُهَا بَيْنَ لِحْيَتَيْنِ أَيْ طَوِيلٍ وَقَصِيرٍ، فَإِنَّ التَّوَسُّطَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَحْسَنُ، وَمِنْهُ قِيلَ: خَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: كُلَّمَا طَالَتِ اللِّحْيَةُ نَقَصَ الْعَقْلُ اهـ كَلَامُ الْإِمَامِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute