«جَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِأَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ يَحْمِلُهُ حَتَّى وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ وَرَأَسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثُّغَامَةِ بَيَاضًا» . . إِلَخْ. وَزَادَ الطَّبَرِيُّ وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَابِرٍ: فَذَهَبُوا بِهِ وَحَمَّرُوهُ وَرَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ عَنِ الزُّبَيْرِ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِأَحْمَدَ وَابْنِ حِبَّانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُهُ: غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِأَحْمَدَ عَنْ أَنَسٍ وَلَفْظُهُ: غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلَا تُقَرِّبُوهُ السَّوَادَ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخِضَابِ أَقْوَالٌ، وَأَصَحُّهَا أَنَّ خِضَابَ الشَّيْبِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يُسْتَحَبُّ وَبِالسَّوَادِ حَرَامٌ، وَقَدْ سَبَقَ عَنِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي مُوَطِّئِهِ: لَا نَرَى بِالْخِضَابِ بِالْوَسْمَةِ وَالْحِنَّاءِ وَالصُّفْرَةِ بَأْسًا، وَإِنْ تَرَكَهُ أَبْيَضَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، كُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ، وَفِي الشِّرْعَةِ: الْخِضَابُ سُنَّةٌ ثَبَتَ قَوْلًا وَفِعْلًا. قَالَ شَارِحُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلَمَّا قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَفِّرَ لِحْيَتَهُ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ» ، وَسَيَأْتِي، وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: اخْتُلِفَتِ الرِّوَايَةُ فِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ فَعَلَ الْخِضَابَ فِي عُمْرَةٍ؟ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ، يَعْنِي الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلِ الْخِضَابَ فِي لِحْيَتِهِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَأَمَّا خِضَابُ رَأْسِهِ بِالْحِنَّاءِ فَهُوَ مَشْهُورٌ وَقِيلَ: كَانَ فِعْلُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ لِدَفْعِ الصُّدَاعِ وَالْحَرَارَةِ. قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَرَدَ فِي الْخِضَابِ مِنَ الْأَحَادِيثِ مِنْهَا: «اخْتَضِبُوا بِالْحِنَّاءِ ; فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي شَبَابِكُمْ وَجَمَالِكُمْ وَنِكَاحِكُمْ» ، رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الطِّبِّ عَنْ أَنَسٍ. وَمِنْهَا: «اخْتَضِبُوا بِالْحِنَّاءِ ; فَإِنَّهُ طَيِّبُ الرِّيحِ يُسَكِّنُ الرَّوْعَ» . رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالْحَاكِمُ فِي الْكُنَى عَنْ أَنَسٍ، وَمِنْهَا: «اخْتَضِبُوا وَافْرِقُوا وَخَالِفُوا الْيَهُودَ» ، رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَسَيَأْتِي لِهَذَا بَحْثٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute