للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ رَدَّ الشَّمْسِ بِمَعْنَى تَأْخِيرِهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا كَادَتْ أَنْ تَغْرُبَ فَحَبَسَهَا فَيَنْدَفِعُ بِذَلِكَ مَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَمِنْ تَغَفُّلِ وَاضِعِهِ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى صُورَةِ فَضِيلَةٍ، وَلَمْ يَلْمَحْ إِلَى عَدَمِ الْفَائِدَةِ فِيهَا، فَإِنَّ صَلَاةَ الْعَصْرِ بِغَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ تَصِيرُ قَضَاءً، وَرُجُوعَ الشَّمْسِ لَا يُعِيدُهَا أَدَاءً اهـ. مَعَ إِنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْخُصُومَاتِ وَهُوَ أَبْلَغُ فِي بَابِ الْمُعْجِزَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِتَحْقِيقِ الْحَالَاتِ. قِيلَ: يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: " «لَمْ تُحْبَسِ الشَّمْسُ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا لِيُوشَعَ بْنِ نُونٍ» " وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى لَمْ تُحْبَسْ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرِي إِلَّا لِيُوشِعَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَجَمَعَ الْغَنَائِمَ فَجَاءَتْ يَعْنِي النَّارَ ") : تَفْسِيرٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ (" لِتَأْكُلَهَا ") : مُتَعَلِّقٌ بِجَمَعَ (" فَلَمْ تَطْعَمْهَا ") أَيْ: لَمْ تَأْكُلْهَا فَفِيهِ تَفَنُّنٌ فِي الْعِبَارَةِ وَالْمَعْنَى فَلَمْ تَحْرِقْهَا وَلَمْ تَعْدِمْهَا؟ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَكَانَتْ عَادَةُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَنْ يَجْمَعُوا الْغَنَائِمَ فَتَجِيءَ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتَأْكُلَهَا عَلَامَةً لِقَبُولِهَا وَعَدَمِ الْغُلُولِ فِيهَا (" فَقَالَ ") أَيْ: ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْمِهِ: (" إِنَّ فِيكُمْ ") أَيْ: فِيمَا بَيْنَكُمْ إِجْمَالًا (" غُلُولًا ") : بِالضَّمِّ، وَيُحْتَمَلُ الْفَتْحُ بِمَعْنَى غَالٍّ (" فَلْيُبَايِعْنِي ") : بِسُكُونِ اللَّامِ وَيُسَكَّنُ (" مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ. فَلَزِقَتْ ") : بِكَسْرِ الزَّايِ أَيْ: فَفَعَلُوا فَلَصِقَتْ (" يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُمْ ") أَيْ: عَلَى الْخُصُوصِ (" الْغُلُولُ، فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ ") : بِجَرِّ مِثْلِ عَلَى الْوَصْفِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ أَيْ: مُمَاثِلًا لِرَأْسِ بَقَرَةٍ وَقَوْلُهُ: " مِنَ الذَّهَبِ ") : بَيَانٌ لِرَأْسٍ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ (" فَوَضَعَهَا ") أَيِ: النَّبِيُّ الرَّأْسَ وَأَنَّثَ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْغَنِيمَةُ (" فَجَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا ". زَادَ) أَيْ: أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (فِي رِوَايَةٍ) أَيْ: لَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا، أَوْ لِغَيْرِهِمَا (" فَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ قَبْلَنَا، ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ الْغَنَائِمَ ") أَيْ: سَتْرًا عَلَيْنَا وَتَوْسِعَةً لِلدُّنْيَا وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ ضِمْنًا (وَرَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا) اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ (" فَأَحَلَّهَا لَنَا ") : إِعَادَةٌ لِتَرَتُّبِ الْحُكْمِ وَالْأَوَّلُ لِمُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>